شركاء متشاحّون سيّئة أخلاقهم ، وكلّ واحد منهم يستخدمه بقدر نصيبه ، يقال : رجل شكس وشرس ، وضرس وضبس ، إذا كان سيّء الخلق ومخالفا للناس.
قوله تعالى : (وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ ؛) (ورجلا سالما) هذه قراءة ابن كثير وأبي عمرو ومجاهد والحسن ويعقوب ، واختيار أبي عبيد ؛ لأن السالم «الخالص» (١) ضدّ المشترك ، وقرأ الباقون (سَلَماً) من غير ألف بفتح اللام وهو ضدّ المحارب ، ولا موضع للحرب ههنا ، والمعنى ورجلا ذا سلم لرجل ، من قولهم : هو لك سلم ؛ أي مسلم لا منازع لك فيه.
وقوله : (هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً ؛) أي هل يستوي عندك شرك فيه مختلفون يملكونه جميعا ورجل خالص لرجل لا شركة فيه لأحد. والمعنى هل يستوي من يعبد آلهة شتّى مختلفة ، يعني الكافر ، والذي يعبد ربّا واحدا ، يعني المؤمن ، وهذا استفهام معناه الإنكار ؛ أي لا يستويان.
قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ ؛) أي الشكر لله دون غيره من المعبودين ، وقوله : (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٢٩) ؛ ما يصيرون إليه من العقاب ، والمراد بالأكثر الكلّ.
قوله تعالى : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) (٣٠) ؛ إنك يا محمّد ميّت عن قليل وإنّهم ميّتون ، وقيل : معناه : إنك ستموت وإنّهم سيموتون ، (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ) (٣١) ؛ يعني المحقّ والمبطل ، والظالم والمظلوم. قوله : (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ) ، بأن جعل له ولدا وشريكا ، (وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ ؛) وكذب بالصدق بالتوحيد والقرآن إذ جاء به محمّد صلىاللهعليهوسلم ، وقوله تعالى : (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) (٣٢) ؛ لفظة استفهام وهو تقدير وتحقيق ؛ أي مثواهم جهنّم.
قوله : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ ؛) رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، (وَصَدَّقَ بِهِ ؛) أبو بكر رضي الله عنه كان يصدّقه في كلّ ما أخبر به ، فلذلك سمي صدّيقا ، وقوله تعالى :
__________________
(١) في المخطوط : (هو) وضبطت كما في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٥ ص ٢٥٣.