وقوله تعالى : (بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٦)) ؛ أي بيدك الخير والشرّ ، فاكتفى بذكر الخير لأنه الأفضل ولأنه إنّما قال ذلك على وجه الرّغبة ، والرغبة إنّما تقع في الخير لا في الشرّ ، وفي ذكر أحد الأمرين دليل على الآخر كما قال تعالى : (سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ)(١) ولم يذكر البرد ؛ والمعنى تقيكم الحرّ والبرد ، وقيل : معنى الآية : (بِيَدِكَ الْخَيْرُ) أي النصر والفتح والفيء والغنيمة وغير ذلك من خير الدّنيا والآخرة. قوله تعالى : (إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي من الإعطاء والنّزع والعزّ والذّل.
قوله تعالى : (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) ؛ أي يدخل من الليل في النّهار حتى يصير النهار خمس عشرة ساعة وهو أطول ما يكون ، وأقصره تسع ساعات ، ويدخل النّهار في الليل حتى يصير الليل خمس عشرة ساعة وهو أطول ما يكون ، وأقصره تسع ساعات ، فما نقص من أجزاء أحدهما دخل في الآخر ، وهذا قول أكثر المفسّرين. وقال بعضهم : معناه : تذهب بالليل وتجيء بالنهار ، وتذهب بالنّهار وتجيء بالليل.
قوله تعالى : (وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ) ، قال ابن عبّاس وقتادة ومجاهد والضحّاك وابن جبير والسديّ : (معناه : تخرج الحيوان من النّطفة وهي ميتة ، وتخرج النّطفة من الحيوان وهي حيّ ، والدّجاجة من البيضة ، والبيضة من الدّجاجة) (٢). وقال بعضهم : يخرج النّخلة من النواة ، والنواة من النخلة ، وتخرج السنبلة من الحبّة ، والحبّة من السنبلة.
وقال الحسن : (معناه : يخرج المؤمن من الكافر ؛ والكافر من المؤمن ، والعالم من الجاهل ؛ والجاهل من العالم) (٣). دليله قوله تعالى : (أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) الآية (٤).
__________________
(١) النحل / ٨١.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٥٣٥١) عن ابن عباس ، وفي النص (٥٣٥٢ و٥٣٥٦) عن مجاهد ، وفي النص (٥٣٥٦) عن قتادة ، وفي النص (٥٣٥٣) عن الضحاك ، وفي النص (٥٣٥٤) عن السدي.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٥٣٦١).
(٤) الانعام / ١٢٢.