وقيل : معنى : (تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ) يعني ملك المعرفة كما أوتي سحرة فرعون ، (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) كما نزع من إبليس وبلعام. وقيل : معنى الملك : الجنّة كما أوتي المؤمنون. قال الله تعالى : (وَمُلْكاً كَبِيراً)(١). (وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ) كما نزع من الكفّار. وقيل : أراد بالملك توفيق الإيمان والطاعة. وقيل : هو قيام الليل. وقال الشّلبيّ : (هو الاستغناء من المكوّن عن الكونين).
قوله تعالى : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) قال عطاء : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) يعني المهاجرين والأنصار ، (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) يعني فارس والرّوم. وقيل : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) محمّدا وأصحابه حتى دخلوا مكّة بعشرة آلاف ظاهرين عليها (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) أبا جهل وأصحابه حتى جزّت رؤوسهم وألقوا في القليب.
وقيل : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) بالإيمان والمعرفة ، (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) بالكفر والنكدة ، وقيل : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) بالطاعة ، (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) بالمعصية ، وقيل : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) بالتوفيق والمعرفة ، (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) بالحرمان والخذلان ، وقيل : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) بالتمليك والتشديد ، (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) بسلب الملك وتسليط العدوّ عليه ، وقيل : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) بقهر النفس ومخالفة الهوى ، (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) من أتباع الهوى ، وقيل : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) بأن يقهر الشيطان ، (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) بأن يقهره الشيطان ، وقيل : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) بالطاعة والرضا ، (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) بالحرص والطمع.
قال بعضهم : الحرّ عبد ما طمع ، والعبد حرّ ما قنع. وقال الشافعيّ رحمهالله :
ألا يا نفس إن ترضي بفوت |
|
فأنت عزيزة أبدا غنيّه |
وقال آخر :
أفاد منّي القناعة كلّ عزّ |
|
وهل عزّ أعزّ من القناعه |
فصيّرها لنفسك رأس مال |
|
وصيّر بعدها التّقوى بضاعه |
وقال بعضهم : معناه : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) بالاخلاص ، (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) بالرياء ، وقيل : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) بالجنّة والرؤية ، (وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ) بالنار والحجاب.
__________________
(١) الإنسان / ٢٠.