سورة المائدة
سورة المائدة مدنيّة إلّا قوله تعالى : (الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ) وقوله تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) فإنّ هاتين الآيتين نزلتا بمكّة بعد الفتح ، وحكمهما حكم المدنيّة لنزولهما بعد الهجرة. وعدد حروفها أحد عشر ألفا وتسعمائة وثلاثة وثلاثون حرفا ، وعدد كلماتها ألفان وثمانمائة وأربع كلمات ، وعدد آياتها مائة وعشرون آية عند الكوفيّين ، واثنان وعشرون عند الحجازيّين ، وثلاث وعشرون عند البصريّين.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ؛ أي أوفوا بالعقود التي كتبها الله عليكم مما أحلّه لكم وحرّمه عليكم ، وقيل : معناه : أتمّوا العهود التي بينكم وبين المشركين ولا تنقضوها حتى يكون النّقض من قبلهم ، هكذا روي عن ابن عبّاس والضّحاك وقتادة. وقال الحسن : (معناه أوفوا بعقود الدّين ؛ يعني أوامر الله ونواهيه) (١). وقيل : معناه : أوفوا بكلّ عقد تعقدونه على أنفسكم من نذر أو يمين. وقيل : أوفوا بالعقود التي يعقدها بعضكم لبعض ، نحو عقد البيع والإجارة والنّكاح والشّركة ، ولا تنافي بين هذه الأقوال ؛ إذ كلّ هذه العقود يجب الوفاء بها.
قوله تعالى : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) ؛ أي رخّصت لكم الأنعام نفسها ، وأضاف البهيمة إلى الأنعام ، كما يقال : مسجد الجامع ؛ ونفس الإنسان. والأنعام : هي الإبل والبقر والغنم ، ودخل في هذه الآية إباحة الظّباء وبقر الوحش وحمار الوحش ؛
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : عن ابن عباس قال : «ما أحلّ ، وما حرّم ، وما فرض ، وما حدّ في القرآن كلّه ، فلا تغدروا ولا تنكثوا» : النص (٨٥٦٩).