قوله تعالى : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (١٨)) قال جعفر الصّادق : (إنّما كرّر الشّهادة لأنّ الأولى وصف وتوحيد ، والثّانية رسم وتعليم) أي قولوا (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) العزيز : الغالب المنيع ، والحكيم : ذو الحكمة في أمره وسلطانه ، وقوله : (قائِماً بِالْقِسْطِ) أي قائم بالتدبير ؛ أي يجري أفعاله على الاستقامة.
قوله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) ؛ معنى الدّين المرتضى ؛ نظيره (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً)(١) ، والإسلام : هو الدخول في السّلم والانقياد والطاعة. وعن قتادة : (هو شهادة أن لا إله إلّا الله ؛ والإقرار بما جاء من عند الله ؛ وهو دين الله الّذي شرع لنفسه ؛ وبعث به رسله ؛ ودلّ عليه أولياءه ؛ ولا يقبل غيره).
وقرأ الكسائيّ : (الدّين عند الله) بالفتح على معنى : شهد الله أنه لا إله إلّا هو ، وشهد أنّ الدّين عند الله الإسلام.
قوله تعالى : (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) ؛ أي لم تقر اليهود والنصارى للإسلام ولم يتسمّوا باليهوديّة والنصرانيّة (إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) في كتابهم حسدا بينهم.
روي : أنّ اليهود كانوا يسمّون مسلمين ؛ فلمّا بعث عيسى عليهالسلام وسمّى أصحابه مسلمين حسدت اليهود مشاركتهم في الاسم فسمّوا أنفسهم يهودا ؛ فكانوا يسمّون مسلمين ويهودا ، فغيّرت النصارى اسمهم وسمّوا أنفسهم نصارى. والبغي : هو طلب الاستعلاء بغير حقّ.
وقال بعضهم : معنى الآية : ما اختلف الذين أوتوا الكتاب في نبوّة محمّد صلىاللهعليهوسلم إلّا من بعد ما جاءهم بيان نعته وصفته في كتبهم.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٩)) ؛ أي من يجحد بمحمّد صلىاللهعليهوسلم والقرآن فإنّ الله سريع المجازاة ، سريع التعريف للعامل عمله لا يحتاج إلى إثبات وتذكير.
__________________
(١) المائدة / ٣.