قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [تعلّموا العلم ، فإنّ تعليمه لله خشية ، ومدارسته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه من لا يعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة ؛ لأنّه معالم الحلال والحرام ، ومنار سبيل الجنّة والنّار ، وهو الأنس في الوحشة ، والصّاحب في الغربة ، والمحدّث في الخلوة ، والدّليل على السّرّاء والضّرّاء ، والسّلاح على الأعداء. يرفع الله به أقواما فيجعلهم في الخير قادة ، يقتدى بهم وتقصّ آثارهم ويقتدى بأفعالهم ، وينتهى إلى رأيهم ، وترغب الملائكة في خلّتهم ، وبأجنحتها تمسحهم ، وفي صلاتهم تستغفر لهم ، وكلّ رطب ويابس يستغفر لهم ، حتّى حيتان البحر وهوامّه ، وسباع الأرض وأنعامها ، والسّماء ونجومها ، ألا وإنّ العلم حياة القلوب عن العماء ، ونور الأبصار من الظّلمات ، يبلغ بالعبد منازل الأحرار ومجالس الملوك ، والفكر فيه يعدل بالصّيام ، ومدارسته بالقيام ، وبه يعرف الحلال والحرام ، وبه يوصل الأرحام ، يلهمه الله السّعدى ، ويحرمه الأشقياء].
قوله تعالى : (قائِماً بِالْقِسْطِ) ؛ أي بالعدل ، ونصب (قائِماً) على الحال من شهد ، وقيل : من قوله (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ، ويجوز وقوع الحال المؤكّد على الاسم في غير الإشارة ، يقول : إنه زيد معروفا ؛ وهو الحقّ مصدّقا.
فإن قيل : الحال وصف هيئة الفاعل وذلك مما يقبل تغيير ؛ فهل يجوز من الله أن يزول عنه قيامه بالقسط؟ قيل : هذا على مذهب الكوفيّين لا يلزم ؛ لأنّهم يسمّونه على لفظ القطع ، يعنون بالقطع : قطع المعرفة إلى لفظ النّكرة ، مثل قوله : (الدِّينُ واصِباً)(١) كان أصله الواصب ، وهذا كان أصله القائم ، فلما قطعت الألف واللام نصب.
وأمّا عند البصريّين فالحال حلال من باب حل في الشيء وصار فيه حالّ يأتي بعد الفعل يجوز عليه التغيير ، وحال يأتي بعد الاسم (٢) لا يجوز عليه التغيير ، وهذا من ذلك ، وكذلك قوله : (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً)(٣).
__________________
(١) النحل / ٥٢.
(٢) في المخطوط : (الإسلام) بدل (الاسم) ، والمناسب هو ما أثبتناه.
(٣) هود / ٧٢.