المدينة : ما أشبه هذه المدينة بمدينة النّبيّ الّذي يخرج في آخر الزّمان ، فلمّا دخلا على النّبيّ صلىاللهعليهوسلم عرفاه بالصّفة والنّعت ، فقالا له : أنت محمّد؟ قال : [نعم]. قالا : أنت أحمد؟ قال : [أنا محمّد وأحمد]. قالا : فإنّا نسألك عن شيء فإن أخبرتنا به آمنّا بك وصدّقناك ، قال : [اسألوا]. قالا : أخبرنا عن أعظم شهادة في كتاب الله تعالى؟ فأنزل الله تعالى على نبيّه هذه الآية (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) إلى آخرها ، فأسلم الرّجلان وصدّقا برسول الله صلىاللهعليهوسلم).
قرأ أبو نهيك وأبو الشّعث (شهد الله) بالمدّ والرفع على معنى : هم شهد الله الذين تقدّم ذكرهم. وقرأ المهلّب : (شهد الله) بالمدّ والنصب على المدّ. والآخرون (شهد الله) على الفعل أي قضاء الله ، ويقال : أخبر الله. وقال مجاهد : (حكم الله). قرأ ابن السمؤل : (شهد الله أنّه لا إله إلّا هو). وقرأ ابن عباس : (إنّه لا إله إلّا الله) بكسر الألف جعله خبرا مستأنفا ، وقال بعضهم بكسره لأنّ الشهادة قول وما بعد القول مكسور على الحكاية ، تقديره : قال الله إنه لا إله إلّا الله. قال المفضّل : (معنى الشّهادة (شَهِدَ اللهُ) : الإخبار والإعلام ، ومعنى الملائكة والمؤمنين بالإقرار ؛ كقوله (شَهِدْنا عَلى أَنْفُسِنا)(١) أي أقررنا).
قوله تعالى : (وَأُولُوا الْعِلْمِ) ؛ معناه الأنبياء ، وقيل : المهاجرون والأنصار ، وقيل : علماء المؤمنين أهل الكتاب : عبد الله بن سلام وأصحابه ، وقال الكلبيّ والسديّ : (علماء المؤمنين كلّهم ، فقرن الله شهادة العلماء بشهادته ، لأنّ العلم صفة الله تعالى العليا ونعمته العظمى ، والعلماء أعلام الإسلام والسّابقون إلى دار السّلام وشرح الأمكنة وحجج الأزمنة) (٢).
وعن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : [ساعة من عالم يتّكئ على فراشه ، وينظر في علمه خير من عبادة العابدين سبعين عاما](٣). وعن أنس رضي الله عنه
__________________
(١) الأنعام / ١٣٠.
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : النص (٥٣١٣) بمعناه عن السدي.
(٣) رواه الديلمي في الفردوس بمأثور الخطاب : النص (٣٥٠٤). وفي فيض القدير شرح الجامع الصغير : ج ٤ ص ٨١ : الحديث (٤٦٢٢) ؛ قال المناوي : «ورواه عنه ـ أي عن جابر ـ أيضا أبو نعيم ، ومن طريقه وعنه تلقاه الديلمي مصرحا ، فلو عزاه المصنف للأصل لكان أولى».