يخفى أنّ تعيين الخمسة عليهمالسلام للمباهلة لم يكن موكولاً للنبيّ صلىاللهعليهوآله، بل بأمر من الله وتعيين وتنصيص من الله في قرآنه النازل، وإن كان النبيّ صلىاللهعليهوآله مأموراً بدعوتهم للمباهلة.
وبمعني آخر: إنّ المباهلة في اللغة تعني الملاعنة ودعاء كلّ طرف على الآخر، وهي إنّما يتوسّل بها في مقام الإحتجاج وإقامة الحجّة من كلّ طرف على مدّعاه في قبال الآخر ـ كما يشير إلى ذلك صدر الآية (فَمَنْ حَاجَّكَ) ـ وعند عدم استجابة أحد الطرفين لحجّة الطرف الآخر، فتكون المباهلة نوعاً من حكم الله بين الطرفين وكأنّه استعجال لحكم الله وقضائه الأخروي إلى هذه النشأة الدنيوية.
ولا ريب أنّ أهمية وخطورة المباهلة تتبع مورد المباهلة، فكلّما ازداد خطورةً اختلفت أهمية حكم الله وفصل قضائه وبالتالي اختلفت نوعية حكمه تعالى، كما أنّ مقتضى ماهية المباهلة كون طرفي المباهلة هما المتداعيان، أي: كلٌّ منهما صاحب دعوة في قبال الآخر، فكلٌ منهما هو صاحب دعوى المتحمل لتلك الدعوى، كما هو الحال في بقية النزاعات والخصومات أن يكون كلّ منهما على تقدير صدق دعواه وثبوتها هو صاحب الحق ومن له صلة بالحق، كما لا معنى للنيابة في الخصومة في مقام الحلف وما هو من قبيله كالمباهلة.