الحكيم من التكليف ويقرّب حصوله ، وعكسهما مما يناقضه ويبعّد حصوله ، [فلو ٩ كان فيما يطابق غرضه ويقرّب حصوله] (١) مفسدة لكان غرضه مفسدة ، وذلك باطل على ما ثبت في العدل أنّه لا يريد القبائح (٢).
الثاني : أنّ المفسدة يستحيل أن تكون راجعة إلى الحكيم ، إذ هو واجب الوجود لذاته ، غني عن غيره ، فلا يصحّ عليه جلب نفع ولا دفع ضرر ، فلو كانت لكانت راجعة إلى غيره ، والذي أثبتناه (٣) في وجوب نصب الإمام فيه المصلحة العامّة للمكلّفين ، فلو كانت فيه مفسدة راجعة إليهم لكان عين ما هو مصلحة لهم مفسدة لهم ، وهذا خلف.
وأيضا فإنّ المفاسد محصورة لنا معلومة ؛ لأنّا مكلّفون باجتنابها ، وتلك منفية عن الإمام.
لا يقال : إنّما نعلم المفاسد المشتملة عليها أفعالنا ؛ لأنّا مكلّفون بتركها ، أمّا التي لا يشتمل عليها أفعالنا بل أفعال غيرنا التي لا نقدر نحن عليها فلا يجب معرفتها ، والإمامة عندكم ليست من فعلنا على ما يأتي (٤) ، بل من فعل الله تعالى ، فلا يجب العلم بالمفسدة التي تشتمل عليها.
لأنّا نقول : لو كانت الإمامة مشتملة على مفسدة لما أوجبها الله تعالى على المكلّفين ، ولما أوجب على الناس طاعة الإمام.
وأيضا لو اشتملت على مفسدة لنهى الله تعالى عن نصب الإمام ، والتالي باطل قطعا ، فالمقدّم مثله ، والملازمة ظاهرة.
__________________
(١) من «ب».
(٢) النكت الاعتقادية (ضمن سلسلة مؤلّفات الشيخ المفيد) ١٠ : ٣٢ ـ ٣٣.
(٣) أثبته في النظر الأوّل من البحث السادس من هذه المقدمة.
(٤) يأتي في النظر الرابع من البحث السادس من هذه المقدمة.