استيلاء الشوق عليهم إلى ما يحتاجون إليه بحسب الشخص ، فيقدمون على مخالفة الشرع ، وإهمال الثواب ، واستسهال العقاب الأخروي.
فنظامه وصلاحه إنّما هو من العصمة ، وهو المطلوب.
وأمّا الثالث ؛ فلأنّ فائدة الإمام ذلك ، ولأنّه إلى الرئيس لا إلى غيره ، وهذا أمر ظاهر.
الحادي والأربعون : اللذّات منها حيوانية ، ومنها عقلية.
أمّا (١) الحيوانية ، فكما يتعلّق بالقوة الشهوية كتكيّف العضو الذائق بكيفية الحلاوة ، سواء كانت عن مادّة خارجية أو حادثة في العضو عن سبب خارج. وكما يتعلّق بالقوى الغضبية كتكيّف النفس الحيوانية بتصوّر غلبة ما ، أو بتصوّر أذى حلّ بالمغضوب عليه. و [كما] (٢) يتعلّق بالقوى الباطنة كتكيّف الوهم بصورة شيء يرجوه ، أو بصورة شيء يتذكّره ، وكذلك [في] (٣) سائرها.
وهذه كلّها كمالات حيوانية مختلفة ، وإدراكات حيوانية متفاوتة يتبعها اللذّات بحسبهما.
والجوهر العاقل له أيضا كمال ولذّات ، وهو أن يتمثّل فيه ما يتعقّله من الحقّ الأوّل بقدر ما يستطيعه ؛ لأنّ تعقّل الأوّل على ما هو عليه غير ممكن للبشر ، بل لغير الله تعالى. ثمّ ما يتعقّله من صور مخلوقاته وأفعاله العجيبة ـ أعني وجود غيره (٤) ـ تمثّلا يقينيّا خاليا عن شوائب الظنون والأوهام.
فإذا عرفت ذلك فنقول : إنّ النفوس البشرية أكثرها مصروفة إلى تحصيل اللذّات الحسّية الحيوانية أكثرها ، بل بعضها مستغرقة أوقاتها. ثمّ بعضها محرّم ، وبعضها مباح ، والمباح منها إنّما أبيح على جهة العدل بحيث لا يقع نزاع ويخرب النظام.
ولا يكفي الوعد باللذّات والآلام الآجلة ، فإنّ كثيرا من الجهّال يشتهون ذلك في
__________________
(١) في «أ» : (أمّا الأوّل) ، وما أثبتناه موافق لما في «ب».
(٢) في «أ» : (كلّما) ، وما أثبتناه من «ب».
(٣) من «ب».
(٤) في «ب» : (الوجود كلّه) ، بدل : (وجود غيره).