حجّة ، وإلّا فلا ، ومعنى ذلك سلب الحجّيّة رأسا ؛ إذ مع موافقة القرآن كانت الحجّة هو القرآن.
والتمسّك بهذه الطائفة ، تارة يكون مع البناء على تواترها ولو إجمالا ، وأخرى يكون مع فرضها من قبيل الآحاد ، وهذا أيضا تارة لغرض إخراج أخبار جانب الحجّيّة عن حدّ التواتر ، وإفادة القطع بمعارضتها لهذه ـ فيكون عدم الحجّيّة لأجل عدم الدليل على الحجّيّة لا لأجل الدليل على عدمها ـ وأخرى بدعوى أنّها وإن كانت أخبار آحاد لكنّها متيقّن الحجّيّة بموافقتها للقرآن ـ أعني الآيات المتقدّمة ـ فيؤخذ بها لنفي حجّيّة ما عداها.
لا يقال : الجمع بين هذه الطائفة وبين ما دلّ على حجّيّة خبر العدل يقضي بتخصيصها به ؛ فإنّه يقال : تصريح رواية ابن أبي يعفور وابن مسلم بعدم حجّيّة خبر العدل إذا لم يوافق القرآن يأبى عن هذا الجمع.
والجواب عن هذه الطائفة : أنّها محمولة على الكتب المدسوسة المتضمّنة للأحاديث الموضوعة ، وأمّا الأحاديث المتّصلة الأسانيد فيروي كلّ عدل لا حق عن سابقه متحمّلا عنه الحديث بأحد أنحاء التحمّل من غير اقتصار في النقل على ما يجده في كتابه ما لم يسمع منه روايته ، فلا.
ويشهد له قول أبي عبد الله عليهالسلام في صحيحة هشام : «لا تقبلوا حديثا إلّا ما وافق الكتاب والسنّة ، أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدّمة ، فإنّ المغيرة بن سعيد لعنه الله دسّ في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدّث بها أبي ، فاتّقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربّنا وسنّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم» (١).
الثالث : الإجماع المنقول. وقد نقل السيّد أنّ العمل بخبر الواحد عند الإماميّة في وضوح البطلان كالعمل بالقياس (٢) ، وقد عرفت أنّ هذه الدعوى غير بعيدة. ولا ينافي ذلك ما حكاه الشيخ من الإجماع على حجّيّة خبر الواحد (٣) ؛ فلعلّ ذلك بما أنّه مفيد للوثوق ، والذي نقل السيّد المنع عنه هو التعبّد بالخبر ، وأنّه كالتعبّد بالقياس. وبذلك يحصل الصلح بين الطرفين ، ويرتفع النزاع من البين ، وإلّا فكيف يخفى على السيّد عمل الإماميّة بخبر الواحد ، أم كيف
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) : ٢٢٤ / ٤٠١.
(٢) رسائل السيّد المرتضى ٣ : ٣٠٩ ، رسالة إبطال العمل بالخبر الواحد.
(٣) العدّة في أصول الفقه ١ : ١٢٦.