ولنذكر من كلّ
طائفة واحدا أنموذجا للبقيّة.
فعن ابن [أبي]
يعفور عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن اختلاف الحديث يرويه من يثق به ومن لا يثق
به؟ قال : «إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهدا من كتاب الله أو من قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فخذوا به ، وإلّا فالذي جاءكم به أولى به» .
وقال عليهالسلام لمحمّد بن مسلم : «ما جاءك من رواية من برّ أو فاجر يوافق
كتاب الله فخذ به ، وما جاءك من رواية من برّ أو فاجر يخالف كتاب الله فلا تأخذ به»
.
وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم في غير واحد من الأخبار : «ما جاءكم عنّي ما لا يوافق
القرآن فلم أقله» .
وقوله عليهالسلام : «كلّ حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف» .
وقوله عليهالسلام : «ما اتاكم من حديث لا يوافقه كتاب الله فهو باطل» .
وعمدة الطوائف هي
الأولى ، وإلّا فالأخيرة أجنبيّة عن المدّعى ؛ لأنّ مدلولها أنّهم لا يحدّثون على
خلاف الواقع الذي فيه القرآن ، لا على خلاف ما نستظهره منه ، وهذا معلوم لا يحتاج
إلى التمسّك بالأخبار ؛ فإنّه مفاد قوله تعالى : (وَما يَنْطِقُ عَنِ
الْهَوى. إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) فليست هي في مقام بيان ضابط ما هو الحجّة من الأخبار عمّا
ليس بحجّة كي يكون المدار في الموافقة والمخالفة على فهمنا وما استظهرناه من
القرآن.
والطائفة الثانية
لعلّ الخصم يلتزم بها. وقد ذهب جمع من القائلين بحجّيّة خبر الواحد إلى عدم تخصيص
الكتاب به تمسّكا بهذه الأخبار ، ولعلّه الصواب الذي نطقت به الأخبار. وقد عرفت
أنّ المقصود في الباب حجّيّة الخبر على سبيل الموجبة الجزئيّة مقابل السلب الكلّي.
فلم تبق إلّا
الطائفة الأولى النافية لحجّيّة الخبر بالاستقلال ، وأنّه إن وافقت القرآن فهو
__________________