الموافقة الالتزاميّة
لا أعلم ما المراد من الموافقة الالتزاميّة؟ أهو العلم والإذعان بالأحكام الشرعيّة فكان إيجابها عبارة أخرى عن إيجاب معرفة الأحكام وتحصيل العلم بها ، أم هو التصديق بحقّيّة أحكام الشرع والإذعان بأنّها من قبل الله تعالى ، أم هو البناء والعزم على امتثال الأحكام بالإتيان بالواجبات وترك المحرّمات ، أم هو الإتيان بالواجبات رغبة إليها وحبّا لها وترك المحرّمات رغبة عنها وبغضا لها ، أم هو الإتيان بالواجبات لوجوبه وترك المحرّمات لحرمته ، أم هو الالتزام وعقد القلب بوجوب الواجبات وحرمة المحرّمات؟
وكلّ ما عدا الأخير ينبغي القطع بعدم إرادتهم له. والأخير لا معنى محصّل له ، بل يوشك أن يكون من قبيل ما قالته الأشاعرة من الكلام النفسي (١). وعليه يكون لكلّ تكليف امتثالان ، واحد قائم بالجنان وأخر بالجوارح.
ثمّ على فرض تبيّن المراد من الموافقة الالتزاميّة يقع البحث عن حكمها. والظاهر الذي لا ينبغي الريب فيه ألا حكم للعقل في موضوع التكاليف الشرعيّة إلّا بإطاعة واحدة متوجّهة إلى ما توجّه إليه طلب المولى ، إن [كان] فعلا خارجيّا ففعل خارجي ، وإن [كان]
__________________
(١) والمراد به : أنّ من يأمر وينهى ويخبر ، يجد في نفسه معنى غير العلم والإرادة يدلّ عليه بالعبارة أو الكتابة أو نحوهما ، وشاع عند أهل اللسان إطلاق اسم الكلام عليه. وهو يختلف عن الكلام الحسّي الموجد بالحروف. (شرح المقاصد ٤ : ١٤٩).