هذا مضافا إلى أنّ مجرّد المجعوليّة غير كاف في جريان الاستصحاب ، فإنّ الاستصحاب في الحكم هو جعل المماثل ، فإذا كان عدم التكليف فيما لا يزال حكما مجعولا لم يماثل حينئذ عدم التكليف فيما زال الذي ليس هو حكما مجعولا.
وبالجملة : إثبات المجعوليّة في عدم التكليف ممّا لا يمكن ، ومع ذلك استصحاب البراءة أو الاستصحاب الموضوعي لأجل التكليف ممّا لا مساغ إلى إنكاره ، فيتعيّن نفي اعتبار أن يكون المستصحب أو ما بلحاظه الاستصحاب أمرا مجعولا ، بل كفى أن يكون أمرا بيد الشارع بما هو شارع نفيا وإثباتا. وقد عرفت أنّ للشارع ألا يكلّف ابتداء أو يرفع تكليفه بعد أن كلّف كما أنّ له ألا يكلّف ، بل قد عرفت أنّ التكليف أيضا ليس أمرا مجعولا ، بل إرادة حاصلة في نفس المولى غير متولّد عنوانه من الإنشاء.
[التنبيه] السابع :
لا ينبغي الإشكال في أنّ العلم بانتقاض الحالة السابقة يسدّ باب الاستصحاب بالنسبة إلى مقدار الشكّ ، فإذا علم بالحادث وشكّ في زمان حدوثه استصحب عدمه إلى زمان اليقين بوجوده ، ويرتّب على ذلك آثار عدمه في ذلك الزمان دون حدوثه بعده أو تأخّره أو عدم تقدّمه.
وبالجملة : كلّ عنوان خارج عن عنوان عدم الحدوث في زمان الشكّ ، لكنّ العدم المستصحب ليس هو عدم حدوث هذا الحادث يعني كون هذا الحادث متّصفا بعدم الحدوث في زمان الشكّ الذي هو مفاد ليس الناقصة ، يعني إذا كان الأثر لاتّصاف هذا الحادث الخارجي بعدم الحدوث في زمان الشكّ على سبيل معدولة المحمول لم يجر الاستصحاب ؛ لعدم اليقين بهذه الحالة في زمان حتّى يستصحب ، بل المستصحب هو السلب التامّ وعدم حدوث المتيقّن في زمان الشكّ ، فإن كان لهذا العدم أثر رتّب وإلّا لم يجر الاستصحاب. هذا إذا قيس إلى الزمان.
وهكذا الحال إذا قيس إلى حادث آخر معلوم التأريخ ، فيحكم بعدم حدوث المجهول عند ذلك المعلوم التأريخ ، ولا يحكم بعدم هذا الحادث عنده ولا بتأخّره عنه أو عدم تقدّمه عليه أو عدم تقارنه إلّا على سبيل السلب التامّ ؛ فيقال : الوجود المتقدّم أو المتقارن أو