أصالة الاحتياط
قد عرفت أنّ مجرى أصالة الاحتياط هو أن يعلم بإلزام مردّد بين أطراف محصورة يمكن الاحتياط فيها. ولا فرق في هذا بين أن يكون نوع التكليف معلوما كوجوب مردّد بين الظهر والجمعة ، وبين أن يكون مجهولا كما إذا علم بإلزام مردّد بين أن يكون متعلّقا بفعل هذا أو ترك ذاك ، فإنّه يجب الاحتياط بفعل هذا أو ترك ذاك.
ولم يكن هذا من الدوران بين المحذورين ؛ فإنّ التردّد فيه بين الفعل والترك من شيء واحد ، وهذا بينهما من شيئين.
وتقاسيم الشكّ في المكلّف به كثيرة تركناها لعدم اختلاف الحكم بذلك ، والضابط الذي عليه يدور الحكم ما ذكرناه.
والكلام في المسألة يقع في مقامات :
الأوّل : في أنّ العلم الإجمالي هل له أثر في حكم العقل بالاحتياط ولو على سبيل الموجبة الجزئيّة وإلى بعض الأطراف مقابل السلب الكلّي ، أو لا أثر له أصلا كما في العلم الإجمالي بين أطراف غير محصورة؟
والظاهر أنّ تأثير العلم الإجمالي غير قابل للإنكار ، وإلزام العقل في موضوعه ثابت كإلزامه في موضوع العلم التفصيلي. ويشهد له ملاحظة موارد العلم الإجمالي بالمفاسد والمضار ، وحكم العقل بالفرار عن إناءين علم إجمالا بأنّ أحدهما من المضار وعن حيوانين علم إجمالا بأنّ أحدهما سبع ضارّ ، ولا يعذّر الشخص بعدم علمه تفصيلا بذلك.