الكورس ، وقوى التذبذب في شمال إفريقيا ؛ لأنه أهلك نحو عشرة آلاف شخص في الجزائر وفاس ، وارتفعت الأمواج تسعة أذرع وثلثا في جزائر «الانتيلا» ، فعلم مما ذكرناه أن الزلزلة التي حصلت في أشبونة امتدت من بلاد البورتغال إلى لابونيا وجزائر الانتيلا وإلى إفريقيا ، وأمثال ذلك كثرة ولا تكون الزلزلة قاصرة على الأرض القارة ، بل قد يضطرب قاع البحر أيضا فتتحرك كتلة المياه حركة قوية فإن بعض القبودانات كان مسافرا بسفينة في البحر فاضطربت اضطرابا أورث المسافرين فزعا عظيما حتى ظنوا أن السفينة لامست قاع البحر لكنهم علموا بعد إلقاء المراسي أنهم بعيدون عنه ، ثم إن اضطراب الأمواج من الزلزلة يختلف : فمن البلاد ما يمكث فيه الاضطراب أسبوعا ، ومنها شهرا كاملا ، ومنها أشهر أو قد شوهد ببلاد البيروا أن الزلزلة استمرت عدة سنين ، وقد تكون دورية في بعض البلاد ، ففي بلاد المكسيك تحصل الزلزلة كل عام مرة ، ومن البلاد ما تحصل فيه مدة ستة أشهر ومنها ما تحصل فيه مدة سنة ، ثم تنقطع مدة قرون ، وقد لا تمكث إلا يوما أو ساعة أو ثانية كما في بعض البلاد ، فعلم مما ذكرناه أن مدة الزلزلة مختلفة ، وعلى أي حال كان عدد الرجات لا يكون مكث الواحدة منها الابرهيا ، فالزلزلة تمكث زمنا كالعواصف إلا أن الرجة قد لا تمكث إلا ثواني قليلة أو تكون كالبرق فالزلزلة التي حصلت سنة (١٦٩٣) وقلبت مدينة سميتة وعدة محال من جزيرة صقلية ، وكانت سببا في هلاك ستين ألف شخص لم يمكث إلا خمسة ثواني ، ويعسر معرفة اتجاه حركة الأرض ؛ لأنه يندر أن يوجد وقت الزلزلة راصد ذو ثبات لمشاهدة اتجاه حركات الأرض وقد ذكر ارسطاطاليس أحد فلاسفة اليونان الذي شاهد زلزلة الأرض مرارا في جزائر الروم وعلى شواطئ آسيا أن للرجات ثلاثة اتجاهات ، وكأن معناه أن الميد إما أن يكون تموجيا إن أفقيا ، وإما أن يكون عموديا بأن ترتفع الأرض وتنخفض على التعاقب ، وإما أن يكون رخويا ، والغالب أن تحصل الرجات الأفقية والعمودية في آن واحد ، وقال بعضهم : إن رجته عمودية عظيمة ارتفعت من أسفل إلى أعلى فأورثت ما تورثه فرقعة اللغم بالبارود فانقذفت بها جثة عدة أشخاص إلى أكمة ارتفاعها أكثر من مائتي ذراع ، ومتى حصلت الرجات بالاتجاهات الثلاثة المتقدمة المسمى مجموعها بالميد فإنها تحدث إتلافات عظيمة وذلك كالزلزلة التي أخربت جزيرة صقلية وزعموا أن سلاسل الجبال تمنع أنتشار زلزلة الأرض خصوصا إذا كانت مكونة من صخور حبوبية عائدة في أعماق القشرة الأرضية ، وليست الزلزلة قاصرة على هدم المدن بل نشأ عنها مع ذلك تنوعات مهمة في نفس الأرض ، فيمكن أن ترتفع كما في الزلزلة المفزعة التي حصلت في بلاد الشيلي من أميريكا عام (١٨٢٢) ، وهي التي شوهد فيها ارتفاع جزء من شاطئ اميريكا طوله تسعمائة ميل ، وبهذه الكيفية يمكن أن تظهر جبال جديدة ، وتنهدم أخرى فتردم الأودية ، وأحيانا تنشق الأرض فتظهر عليها بعد الزلزلة