الله أبدا ، أما ترى الشمس والقمر والليل والنهار يلجان ولا يشتبهان ، يذهبان ويرجعان ، قد اضطرا ، ليس لهما مكان إلا مكانها ، فإن كانا يقدران على أن يذهبا فلا يرجعان (١) فلم يرجعان؟! وإن لم يكونا مضطرين فلم لا يصير الليل نهارا والنهار ليلا ، اضطرا والله يا أخا أهل مصر إلى دوامهما ، والذي اضطرهما أحكم منهما وأكبر منهما ، قال الزنديق : صدقت.
ثم قال أبو عبد الله عليهالسلام : يا أخا أهل مصر! الذي تذهبون إليه وتظنونه بالوهم (٢) فإن كان الدهر يذهب بهم لم لا يردهم ، وإن كان يردهم لم لا يذهب بهم ، القوم مضطرون ، يا أخا أهل مصر السماء مرفوعة والأرض موضوعة ، لم لا تسقط السماء على الأرض ، ولم لا تنحدر الأرض فوق طاقتها؟ (٣) فلا يتماسكان ولا يتماسك من عليهما ، فقال الزنديق : أمسكهما والله ربهما وسيدهما (٤) فآمن الزنديق على يدي أبي عبد الله عليهالسلام فقال له حمران بن أعين : جعلت فداك إن آمنت الزنادقة على يديك فقد آمنت الكفار على يدي أبيك ، فقال المؤمن الذي آمن على يدي أبي عبد الله عليهالسلام : اجعلني من تلامذتك ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام لهشام بن الحكم : خذه إليك فعلمه ، فعلمه هشام ، فكان معلم أهل مصر وأهل الشام ، وحسنت طهارته حتى رضي بها أبو عبد الله عليهالسلام.
٥ ـ حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمهما الله ، قالا : حدثنا أحمد بن إدريس ، ومحمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد ، عن سهل بن زياد ، عن محمد بن الحسين ، عن علي بن يعقوب الهاشمي ، عن مروان بن مسلم ، قال : دخل ابن أبي العوجاء على أبي عبد الله عليهالسلام فقال : أليس تزعم أن الله خالق كل شيء؟
__________________
١ ـ في البحار وفي نسخة ( ب ) و ( ج ) ( ولا يرجعان ).
٢ ـ خبر ( الذي ) مقدر وهو ( ليس بالمبدء الفاعل للأمور ) ، وقوله : ( فإن كان الدهر ـ الخ ) تعليل جعله مكان الخبر لكونه معلولا له ، وفي الكافي : ( وتظنون أنه الدهر ).
٣ ـ أي فوق محيطها ، أي لا تخرج عن مكانها ، وفي الكافي والبحار : ( فوق طباقها ).
٤ ـ في الكافي : ( أمسكهما الله ربهما وسيدهما ).