فقال أبو عبد الله عليهالسلام : بلى ، فقال : أنا أخلق ، فقال عليهالسلام له : كيف تخلق؟! فقال : أحدث في الموضع ثم ألبث عنه فيصير دواب ، فأكون أنا الذي خلقتها ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : أليس خالق الشيء يعرف كم خلقه؟ قال : بلى ، قال : فتعرف الذكر منها من الأنثى ، وتعرف كم عمرها؟! فسكت.
٦ ـ حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمهالله قال : حدثنا محمد بن يعقوب الكليني بإسناده رفع الحديث أن ابن أبي العوجاء حين كلمه أبو عبد الله عليهالسلام عاد إليه في اليوم الثاني فجلس وهو ساكت لا ينطق ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : كأنك جئت تعيد بعض ما كنا فيه ، فقال : أردت ذاك يا ابن رسول الله فقال أبو عبد الله عليهالسلام : ما أعجب هذا ، تنكر الله وتشهد أني ابن رسول الله ، فقال : العادة تحملني على ذلك ، فقال له العالم عليهالسلام : فما يمنعك من الكلام؟ قال : إجلالا لك ومهابة ما ينطلق لساني بين يديك فإني شاهدت العلماء وناظرت المتكلمين فما تداخلني هيبة قط مثل ما تداخلني من هيبتك ، قال : يكون ذلك ، ولكن أفتح عليك بسؤال (١) وأقبل عليه ، فقال له : أمصنوع أنت أم غير مصنوع؟! فقال عبد الكريم بن أبي العوجاء أنا غير مصنوع ، فقال له العالم عليهالسلام : فصف لي لو كنت مصنوعا كيف كنت تكون فبقي عبد الكريم مليا لا يحير جوابا ، وولع بخشبة كانت بين يديه (٢) وهو يقول : طويل عريض عميق قصير متحرك ساكن ، كل ذلك صفة خلقه (٣) فقال له العالم عليهالسلام : فإن كنت لم تعلم صفة الصنعة غيرها فاجعل نفسك مصنوعا لما تجد في نفسك
__________________
١ ـ في نسخة ( ط ) و ( ن ) ( ولكن افتح عليك سؤالا ).
٢ ـ أي أخذ يتأملها.
٣ ـ الضمير يرجع إلى خشبة ، والتذكير باعتبار كونها شيئا ، أي كل هذه الأمور صفة مخلوقية هذا الشيء ، أو يرجع إلى الله ، وهذا اعتراف بالفطرة ، ولكن المعاندة منعته عن الاعتراف باللسان ، فقال له العالم عليهالسلام : إن اعترفت بهذا المقدار من صفة المخلوقية في هذه الخشبة فأنت أيضا مثلها في الاتصاف بهذه الأوصاف ، فاجعل نفسك أيضا مصنوعا ، والمصنوع لا بد له من صانع غير مصنوع.