ومن هنا انقدح أنه ليس من المفهوم دلالة القضية على الانتفاء عند الانتفاء في الوصايا والاوقاف والنذور والايمان ، كما توهم (١) ، بل عن
______________________________________________________
فلا يعقل النزاع في انتفائه وعدم انتفائه لانه يكون من انحصار الكلي في فرده ، لوضوح ان النزاع في مرحلة الاثبات فرع معقولية مرحلة الثبوت ، وقد عرفت ان النزاع في المفهوم انما هو في مرحلة الاثبات ، فلا بد وان يكون مرحلة الثبوت امرا ممكنا ، وفي مقام انحصار الحكم بما علق عليه من ذاته وطبيعته لا من حيث دلالة الشرطية لو فرض دلالتها على الانحصار لا يعقل ان يكون مما يتمشى فيه النزاع المتفرع على الامكان في مرحلة الثبوت. والى هذا اشار بقوله : ((وانما وقع النزاع في ان لها دلالة ... الى آخر الجملة)). فان النزاع في الدلالة هو في مرحلة الاثبات المتفرعة بذاتها عقلا على مرحلة الثبوت.
(١) هذا هو الامر الثالث الذي اشتمل عليه هذا الأمر الأول : وهو ينقدح من الامرين المتقدمين ، ووجه انقداحه منهما : انه بعد ما عرفت ان النزاع في المفهوم انما هو في انتفاء سنخ الحكم وعدمه ، وان انتفاء شخص الحكم عما علق عليه الحكم ليس من المفهوم ، وبعد ما عرفت ان الكلام انما يتمشى في غير ما انحصر كليه في فرده ، يتضح لك ان انتفاء الحكم عن غير الشخص الذي تعلق الحكم به كما في الوصايا والاوقاف والنذور وما يساوقها كالايمان ليس من المفهوم ، بل هو من انتفاء شخص الحكم ، وهو ليس من محل النزاع سواء كان الحكم فيما ذكرنا ثابتا بنحو القضية الشرطية كأن يقول مثلا وقفت على أولادي ان كانوا فقراء ، او بنحو الوصف كأن يقول وقفت على اولادي الفقراء ، او بنحو اللقب كأن يقول وقفت على اولادي ، او يقول مثلا في وصيته بانفاق ثلثه على اولاده ان كانوا فقراء ، او يقول على اولادي الفقراء ، او يقول على اولادي ، فانه من الواضح ان الانفاق على غير اولاده من الناس من انتفاء شخص الحكم بانتفاء موضوعه وليس من المفهوم الذي هو انتفاء سنخ الحكم ، لانه بعد ما كان موضوع الحكم للانفاق هم اولاده بشرط او بوصف