بهذه الحرمة مع الحرمة التشريعية ، بناء على أن الفعل فيها لا يكون في الحقيقة متصفا بالحرمة ، بل إنما يكون المتصف بها ما هو من أفعال القلب ، كما هو الحال في التجري والانقياد (١) ،
______________________________________________________
لا يخفى ان كون المنهي عنه مفسدة مبني على كون الاحكام تابعة للمصالح والمفاسد ، واما كونه مبغوضا فهو لازم على كل حال لان وجود ما لا يريد المولى وجوده يوجب كون وجوده مما لا يرضى به المولى ، وهو معنى كون وجوده مبغوضا.
(١) هذا هو الجواب الثاني ، وحاصله : انه لو قلنا ان متعلق الحرمة التشريعية هو القصد لان التشريع هو قصد ادخال ما ليس من الشرع في الشرع فمتعلق الحرمة التشريعية فعل نفساني قلبي لا خارجي ، فالتشريع مثل التجري فان معناه بحسب الاصطلاح هو قصد الطغيان على المولى بفعل ما يعتقد المكلف أنه عصيان للمولى وطغيان عليه ولا يكون كذلك في الواقع ، وكذلك الانقياد فانه بحسب الاصطلاح قصد العبد بفعله في اداء رسم الطاعة والعبودية بما يعتقد انه طاعة لمولاه وعبودية له ولا يكون في الواقع كذلك ، فالتجري والانقياد من الافعال القلبية النفسانية.
فاذا قلنا ان المحرم التشريعي هو القصد وهو فعل قلبي نفساني فلا مانع من ان يكون الفعل الخارجي متعلقا لحرمة اخرى ، ولا يلزم اجتماع الحكمين في شيء واحد لتعدد متعلق كل منهما ، ومع تعدد المتعلق لا يجتمع الحكمان في شيء واحد ، وهذا الجواب يتعلق بقول المورد : ((ومعه لا تتصف بحرمة اخرى)) أي ومع اتصاف الفعل بالحرمة التشريعية لا يعقل ان تتعلق به حرمة اخرى للزوم اجتماع المثلين.
فقد ظهر : انه اذا كانت الحرمة التشريعية متعلقة بالفعل القلبي لا مانع من ان يكون الفعل الخارجي متعلقا لحرمة اخرى لان الفعل الخارجي لا حرمة فيه تشريعية ، فاذا كان حراما بحرمة اخرى لا يلزم من ذلك اجتماع المثلين ، وانما قال المصنف بناء لا مكان ان يكون قصد التشريع موجبا لكون الفعل الذي قصد التشريع به محرما فيكون القصد التشريعي موجبا لكون المشرع به حراما كما قيل مثل هذا في التجرى