وفيه : أنه لا دليل على اعتبار الاستقراء ، ما لم يفد القطع. ولو سلم فهو لا يكاد يثبت بهذا المقدار (١).
______________________________________________________
اجتمع في الصلاة في هذه الايام مناط الوجوب وهو واضح لأنها من الفرائض المعلوم وجوبها ، ومناط الحرمة وهو حرمة الصلاة في ايام الحيض.
فانه من المسلم ان حرمة الصلاة في ايام الحيض ذاتية وحيث انها يحتمل كونها من الحيض فقد رجح الشارع احتمال وجود مناط الحرمة على ما علم وجود مناط الوجوب فيه ، فكيف بما يعلم وجود مناط الحرمة فيه؟
وكما في مسألة الوضوء من الإناءين المشتبهين اللذين احدهما نجس والآخر طاهر ، فان الوضوء من كلا الإناءين وضوء بماء طاهر قطعا اجمالا ، وحيث انه لا بد من الوضوء بالماء النجس ايضا والوضوء بالماء النجس حرام ايضا ، فحيث في هذين الوضوءين يعلم اجمالا بارتكاب ما هو واجب وما هو حرام ومع ذلك ورد النص باهراق الماء والامر بالتيمم ـ يعلم منه ان جهة الحرمة اهم في نظر الشارع من جهة الوجوب ، وإلّا لأمر بالوضوء منهما.
فالاستقراء قد دل على ان ديدن الشارع على الغاء جانب الوجوب اذا اجتمع مع الحرمة ، فان حرمة الصلاة في ايام الاستظهار وعدم جواز الوضوء من الإناءين المشتبهين قد دل على ذلك ، لانه لو لا تغليب جانب الحرمة لأمر وجوبا بالصلاة في ايام الاستظهار ولأجاز الوضوء من الإناءين المشتبهين ، بل لأوجبه في مورد انحصار الماء بهما ومع الانحصار قد أمر الشارع باهراق الماء والتيمم.
(١) توضيح الجواب عن ذلك : ان الاستقراء هو تتبع جميع الافراد بحيث يحصل العلم بان موضوع الحكم هو الكلي كما في استقراء جميع افراد النار ـ مثلا ـ فنرى كل فرد منها هو حار ، فنحكم بان الحرارة هي حكم لطبيعة النار الموجودة بوجودها الخارجي ، واذا تخلف فرد واحد من الافراد لا يحصل العلم بان موضوع الاثر هو الطبيعي لاحتمال ان الاثر لخصوصية في الفرد.