وبالجملة كان قبل ذلك متمكّنا من التصرّف خروجا ، كما يتمكّن منه دخولا ، غاية الأمر يتمكّن منه بلا واسطة ومنه بالواسطة ، ومجرّد عدم التمكّن منه إلّا بواسطة لا يخرجه عن كونه مقدورا (١) ، كما هو الحال في
______________________________________________________
(١) هذا شروع في الجواب عن الأمر الثاني وهو كون الخروج ليس بمنهي عنه قبل الدخول.
وتوضيحه : ان المدار والمناط في كون النهي بنحو السالبة بانتفاء الموضوع وانه خارج عن محل الابتلاء هو صدق كونه قادرا على الترك او ليس بقادر ، فان كان يصدق عليه انه قادر لا يكون النهي عنه بنحو السالبة بانتفاء الموضوع سواء كان قادرا على الترك بلا واسطة او مع الواسطة ، واذا لم يصدق عليه انه قادر على الترك يكون النهي عنه بنحو السالبة بانتفاء الموضوع ، مثل النهي عن شرب الخمر الذي في الصين ـ مثلا ـ بالنسبة إلى من في العراق ، فانه يصدق على من في العراق انه فعلا غير قادر على شرب الخمر في الصين ، فيكون توجه النهي والزجر عن شرب الخمر التي في الصين بالنسبة إلى من في العراق قبيحا لانه من السالبة بانتفاء الموضوع ، لانه خارج عن محل الابتلاء ولا قدرة له على شربه حتى يصح الخطاب بالنهي والزجر عنه.
واما المقدور عليه بالواسطة فعلا فليس بخارج عن محل الابتلاء ولا يكون توجه النهي اليه بنحو السالبة بانتفاء الموضوع لمجرد كونه مقدورا بالواسطة ، والخروج قبل الدخول كذلك فانه قبل الدخول مقدور عليه فعلا بواسطة الدخول فلا يكون توجه النهي عن الخروج قبل الدخول من الخارج عن محل الابتلاء وان النهي عنه من السالبة بانتفاء الموضوع ، وحاله حال الخمر الموجودة في السوق بالنسبة الى من هو فعلا في بيته فانه في حال كونه في بيته لا يتمكن من شرب الخمر التي في السوق ، ولكنه يتمكن من شربها بطي المسافة من البيت إلى السوق ويصدق عليه انه قادر عليها فعلا وليست خارجة عن محل الابتلاء.