ضَعِيفاً) بأن يكون صبيا ؛ أو مجنونا ، أو شيخا كبيرا لا تساعده قواه العقلية على ضبط الأمور (أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَ) أي يملي بنفسه ، بأن كان أخرسا ، أو جاهلا أو مصابا بالعمى (فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ) القيم عليه ، أو وكيله (بِالْعَدْلِ) أي من غير زيادة ولا نقص.
وعبر هنا بصيغة العدل الشاملة لترك الزيادة والنقص ، لأنّ المملي هنا يتصوّر منه الزيادة والنقص بمحاباة هذا أو هذا ، بخلاف ما إذا كان المملي المدين ، فإنّ المتصوّر منه النقص فقط.
ثم أرشد الله تعالى المتداينين إلى أمر آخر مفيد في ضبط الوقائع ، وحفظ الأموال فقال : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) أي اطلبوا شهيدين ليحملا الشهادة ، ويحفظا الواقع.
وقوله : (مِنْ رِجالِكُمْ) متعلق باستشهدوا ، و (من) ابتدائية ، أو متعلّق بمحذوف صفة لشهيدين ، و (من) تبعيضية : أي من رجالكم المسلمين الأحرار ، فإنّ الكلام في معاملاتهم. (فَإِنْ لَمْ يَكُونا) الشهيدان (رَجُلَيْنِ) فليشهد رجل وامرأتان ، أو (فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ) يكفون في الشهادة.
وشهادة النساء مع الرجال تجوز عند الحنفية في الأموال ؛ والطلاق ؛ والنكاح ؛ والرجعة ؛ والعتق ، وكل شيء إلا الحدود والقصاص.
وعند المالكية تجوز في الأموال وتوابعها خاصة ، ولا تقبل في أحكام الأبدان مثل الحدود ، والقصاص ؛ والنكاح ؛ والطلاق ، والرجعة ، والعتق. (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ).
الجار الأول ، متعلق بمحذوف صفة لرجل وامرأتان : أي كائنون مرضيين عندكم بعدالتهم ، وهذا الوصف وإن كان في جميع الشهود ، لكنه ذكره هنا للتشدد في اعتباره ، لأنّ اتصاف النساء به قليل.
والجار الثاني متعلق بمحذوف حال من الضمير المفعول المقدّر في ترضون ، العائد إلى الموصول : أي ممن ترضونهم حال كونهم من بعض الشهداء ، لعلمكم بعد التّهم ، وثقتكم بهم ، وإدراج النساء في الشهداء للتغليب.
وتدل الآية على أن الشهادة نوعان : شهادة رجلين ، وشهادة رجل وامرأتين ، ولا ثالث لهما ، ولهذا قال الحنفية : الشهادة قسمان فقط كما ذكرها الله في هذه الآية ، ولم يذكر الشاهد واليمين ؛ فلا يجوز القضاء عندهم بالشاهد واليمين ، لأنه حينئذ يكون قسما ثالثا للشهادة ، مع أن الله لم يذكر لها إلا قسمين.