يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)) [الزلزلة : ٧ ، ٨] كما قال : (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) أي جزاء ما عملت من خير أو شر (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) في هذه العقوبات ، لأنّها مناسبة لأسبابها الواقعة منهم. وهاهنا أمور :
الأول : نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّ قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ..) آخر آية نزلت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم (١) ، لأنه لما حجّ نزلت (يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ ..) (٢) [النساء : ١٧٦] ثم نزلت وهو واقف بعرفة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ..) (٣) [المائدة : ٣] ثم نزل : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ..) فقال جبريل عليهالسلام : «يا محمد ضعها على رأس ثمانين آية ومائتي آية من البقرة» (٤).
والثاني : قرأ أبو عمرو (تُرْجَعُونَ) بفتح التاء ، والباقون بضمها ، فبالفتح من رجع رجوعا ، وهو لازم. وبالضم من رجعه إليه رجعا ، وهو متعد ، يصحّ بناؤه للمفعول.
الثالث : معنى رجوعهم إلى الله أنهم يرجعون إلى ما أعدّ لهم من ثواب ؛ أو عقاب ؛ وقيل : معناه أنهم يكونون في يوم البعث بحالة لا يتصرّف فيهم ظاهرا وباطنا إلّا الله تعالى ، بخلاف حالتهم في الدنيا ، فإنه يتصرف بعضهم في بعض بحسب الظّاهر.
قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (٢٨٢))
التداين : تفاعل ، مأخوذ من الدّين ، وهو : التبايع بالدين.
__________________
(١) انظر الدر المنثور التفسير المأثور للسيوطي (١ / ٣٦٩).
(٢) رواه البخاري في الصحيح (٥ / ٢٢٠) ، ٦٥ ـ كتاب التفسير ، ٢٧ ـ باب (يستفتونك) حديث رقم (٤٦٠٥).
(٣) رواه البخاري في الصحيح (١ / ١٩) ، ٢ ـ كتاب الإيمان ، ٣٢ ـ باب حسن إسلام المرء حديث رقم (٤٥).
(٤) انظر الجامع لأحكام القرآن للإمام القرطبي ، بيروت دار الفكر (١ / ٦١).