وبالعكس ، وجهان يحتمل الأول ، لظاهر قوله تعالى : (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) (١) الظاهر في انقسام آياته الى القسمين بالنظر إليها قطع النظر عن الاعتبارات الخارجة ولظواهر الأخبار المتقدمة حسب التقريب المتقدّم مع أنّ في كثير منها بل في ظاهر الآية توصيفها بالوصفين المتغايرين المتمانعين في الصدق سيما صفتي الناسخة والمنسوخة. ويحتمل الثاني لإناطة الفرق على الفهم المختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمنة ، ولو بمعونة العلم بالقرائن المتصلة الحالية أو المقالية أو المنفصلة المشتملة على بيان المجمل وتخصيص العام وتقييد المطلق وغيره مع أنّ التأويل كلّه من المتشابه وما من آية إلّا ولها تأويل.
بل ورد في الخبر أنّه ما من آية إلّا ولها ظاهر وباطن وحدّ ومطلع (٢) ، وقد مرّ أن البطون كلها من التأويل فلكل آية معنى متشابه وإن كانت من المحكمات بناء على أن مغايرة الوصفين إنما هي بالاعتبار ، فلا تمانع في الصدق بل يمكن تنزيل التقسيم من الآية وغيرها على ذلك وإن كان لا يخلو عن ضعف ، إذ لا منافاة بين انتفاء الظهور بالنسبة الى الدلالة اللفظية المبنيّة على القواعد المؤسّسة عن بعض الآيات وبين ثبوت التأويل للكلّ مع ثبوت الظهور للبعض ، بل يضعّف حكاية الإناطة أيضا بأنّ المنوط به هو فهم أهل اللسّان المبنيّ على القواعد الممهّدة ، فإذا الأوّل أظهر ، ومنه يظهر أنّه لا ملازمة بين المتشابه والجهل بالمراد لجواز العلم بالتأويل ولو مع عدم سبق الجهل.
__________________
(١) آل عمران : ٧.
(٢) في البصائر ص ١٩٥ عن الصادق عليهالسلام ما من القرآن آية إلّا ولها ظهر وبطن إلخ ..