وكما أنّ باطنه ومعانيه ، وعلمه ، والعمل به شفاء من الأمراض الباطنيّة كذلك ألفاظه وحروفه شفاء من الأمراض البدنيّة ، ففي معانيه شفاء الروح والجنان بنور العلم والإيمان ، وفي ألفاظه شفاء الأبدان ، وقوّة الأركان ، بل وفي كلّ من الأمرين كلّ من الأمرين ، ولذا يجوز بل يستحبّ الاستشفاء به من الأمراض الظاهرة والباطنة.
وأمّا ما في «البصائر» عن الحارث (١) النصرى قال : رأيت على بعض صبيانهم تعويذا ، فقلت : جعلني الله فداك أما يكره تعويذ القرآن يعلّق على الصبيّ؟ قال عليهالسلام : «إنّ ذا ليس بذا ، إنّما ذا من ريش الملائكة ، إنّ الملائكة تطأ فرشنا ، وتمسح رؤس صبياننا» (٢).
فلا دلالة فيه على الكراهة تقريرا ، ولا فحوى كما لا يخفى ، سيّما بعد تظافر الأخبار على الجواز ، بل على الاستحباب.
ففي «طبّ الأئمّة» : عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن رقية العقرب والحيّة والنشرة ورقية المجنون والمسحور الذي يعذّب؟ فقال : يا بن سنان لا بأس بالرقية والعوذة والنشرة إذا كانت من القرآن ، ومن لم يشفه فلا شفاه الله تعالى ، وهل شيء أبلغ في هذه الأشياء من القرآن ، أو ليس الله يقول : (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ) (٣)؟ أليس يقول الله جلّ ثناؤه : (لَوْ أَنْزَلْنا هذَا الْقُرْآنَ عَلى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) (٤)؟ سلونا نعلّمكم ونوقفكم على قوارع القرآن لكلّ داء (٥).
__________________
(١) هو الحارث بن المغيرة النصرى البصري الموثّق الراوي عن الباقر والصادق والكاظم عليهمالسلام.
(٢) بحار الأنوار ج ٢٦ ص ٣٥٤ ح ١٢ عن البصائر ص ٢٦.
(٣) الإسراء : ٨٢.
(٤) الحشر : ٢١.
(٥) بحار الأنوار ج ٩٥ ص ٤ عن طبّ الأئمّة ص ٤٨.