كان علمه بالأشياء من هذا القبيل (١).
ففيه أنّ سوق هذا الكلام إنّما هو في تحقيق علم الباري تعالى حسبما ذهب اليه بعض المحقّقين وإن كان لا يخلو من نظر ، نظرا الى عدم ترتّب الحوادث الكونية حتى الأفعال الاختيارية بقاعدة السببيّة التي هي أشبه بالأمور الطبيعية ، وكأنه مبنّي على القول بفاعليّة سبحانه بالعليّة والإيجاب ، بل قد يظهر منه الاضطرار في أفعال العباد ، وإلّا فالمختار قد يختار المرجوح أو الراجح باختياره الّذي هو السبب التامّ ، وإن كان مرجّحات آخر لغيره.
وجعل الإرادة أيضا من جملة الأسباب المسببّة عن كينونة الطبيعة تكوينا جعليا ابتدائيا منه سبحانه أو تبعيّا للأعيان الثابتة حسبما توهّموه.
فاسد من وجوه : كالجبر وانثلام قاعدة السببيّة المقصودة وبطلان القول بالأعيان ، وعدم استحقاق الثواب ، وقبح العقاب الى غير ذلك مما تأبى عنه قواعد العدليّة المستفادة عن الشريعة الحقّة النبويّة. ومن هنا يظهر فساد ما فرّع عليه من اشتمال القرآن على العلوم بالوجه المرسوم ، مع أنّه لا اختصاص له حينئذ به كلّ اسم من أسمائه ممّا يتكلّم به كلّ أحد لدلالته على مسبّب الأسباب يدلّ على تفاصيل المصنوعات المترتبة الى ما لا نهاية لها وهو كما ترى.
هذا مضافا الى ما يظهر منه من التسوية بين علمه سبحانه وعلوم ملائكته وأنبيائه ، لفقد الجامع فضلا عن الاتّحاد بين ما هو ذات الواجب بلا مغايرة حقيقة واعتبارية وبين صفة الممكن ، وإرادة العلم الفعلي مع أنّه ليس من مذهب الحاكي ولا المحكّي عنه كما يظهر من ساير كتبهما توجب التسوية بين ذات الممكن ووصفه.
__________________
(١) تفسير الصافي للفيض الكاشاني ـ المقدمة السابعة.