وَحِيداً) (١).
وإنّما سمّى وحيدا لأنّه قال لقريش : أنا أتوحّد بكسوة البيت سنة ، وعليكم في جماعتكم سنة ، وكان له مال كثير وحدائق ، وكان له عشر بنين بمكّة ، وكان له شعر عبيد عند كلّ عبد ألف دينار يتّجر بها ، فأنزل الله تعالى : (ذَرْنِي) إلى قوله : (إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ، ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ ، فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ، إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ) (٢). (٣)
وفي خبر آخر : أنّ الوليد قال لبني مخزوم : والله لقد سمعت من محمّد صلىاللهعليهوآله آنفا كلاما ما هو من كلام الإنس والجنّ ، إنّ له لحلاوة وإن عليه لطلاوة (٤) ، وإنّ أعلاه لمثمر ، وإنّ أسفله لمغدق (٥) ، وإنّه ليعلو ولا يعلى ، فقال قريش : صبأ (٦) الوليد ، فقال ابن أخيه أبو جهل : أنا أكفيكموه ، فقعد إليه حزينا ، وكلّمه بما أحماه ، فقام وناداهم فقال : تزعمون أنّ محمّدا صلىاللهعليهوآله مجنون ، فهل رأيتموه يخنق؟ وتقولون : إنّه كاهن ، فهل رأيتموه يتكهّن؟ وتزعمون أنّه شاعر فهل رأيتموه يتعاطى شعرا؟ فقالوا : لا ، فقال : ما هو إلّا ساحر ، أما رأيتموه يفرّق بين المرء وأهله وولده ومواليه؟ ففرحوا به وتفرّقوا مستعجبين منه (٧)
__________________
(١) المدثر : ١١.
(٢) المدثر : ١١ ـ ٢٤.
(٣) بحار الأنوار ج ٩ ص ٢٤٥ عن تفسير القمى ص ٧٠٢.
(٤) الطلاوة بتثليث الطاء : الحسن والبهجة.
(٥) أغدقت الأرض : أخصبت.
(٦) صبأ : أى خرج من دين الى دين آخر.
(٧) بحار الأنوار ج ٩ ص ١٦٧ ـ مجمع البيان ج ٥ ص ٣٨٧ بتفاوت يسير.