النفاثات فلا يكون النفخ فيها إلا مكررا. و «العقد» جمع «عقدة» وأصل هذا
القول الكريم أن بنات لبيد بن أعصم سحرن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فجعلن السحر في جف طلعة ـ أي في قشرها تحت بئر «أي
تحت صخرة تترك في أسفل البئر وقيل : هي حجر يكون على رأس البئر يقوم عليه المستقي
ـ بمعنى : دفن هذا السحر هناك وكان السحر وترا فيه إحدى عشرة عقدة فبينما رسول
الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ذات ليلة بين النائم واليقظان أتاه ملكان فجلس أحدهما
عند رأسه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ والآخر عند قدميه فقال الأول للثاني : ما به؟ قال :
به طب ـ العرب تسمي السحر طبا ـ قال : من طبه؟ قال : بنات لبيد بن أعصم. قال :
وأين طبه؟ قال : في جف طلعة تحت راعوفة بئر بني فلان. فانتبه رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فبعث عليا وعمارا فاستخرجا السحر فجعلا كلما حلا عقدة
وتلوا آية من (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ
الْفَلَقِ) و (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ
النَّاسِ) وهما إحدى عشرة آية على عدد العقد وجد رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ خفا. فلما حلت العقد وتليت السورتان قام الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كأنه أنشط من عقال وأمر أن يتعوذ بهما وكان يعوذ بهما
الحسن والحسين عليهماالسلام ـ.
(وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ
إِذا حَسَدَ)
(٥)
تعرب إعراب
الآية الكريمة الثالثة. اي ومن شر حاسد إذا ظهر حسده وعمل بمقتضاه بمعنى : وأعوذ
بالله من شر حاسد ـ يتمنى زوال نعمة المحسود إذا نفذ حسده بأن واصل سعيه في تحقيق
رغبته المقيتة هذه والحاسد الذي يحسد هو عكس الذي يغبط وهو الذي يرجو أن ينال ما
ناله الآخرون أي مثل حالهم من غير أن يريد زوالها عنهم .. وهو ليس بحسد .. يقال : غبطه
بما نال .. من باب «ضرب» أي غبطا وغبطة ـ بكسر غين «غبطة».
** (وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ) : يقال : حسده على النعمة ـ يحسده ـ حسدا .. من باب «دخل»
وقال الأخفش : وبعضهم يقول : يحسده ـ بكسر السين ـ حسدا ـ بفتح الحاء والسين وقال
الفيومي : حسدته على النعمة حسدا ـ بفتح السين أكثر من سكونها يتعدى إلى الثاني
بنفسه وبالحرف : إذا كرهتها عنده وتمنيت زوالها عنه. وأما الحسد على الشجاعة ونحو
ذلك فهو الغبطة وفيه معنى التعجب وليس فيه تمني زوال ذلك عن المحسود فإن تمناه فهو
القسم الأول وهو حرام والفاعل حاسد وحسود ـ فعول بمعنى فاعل ـ وجمعه : حساد وحسدة.
وأنشد ابن مجاهد :
حسدوا الفتى
إذ لم ينالوا سعيه
|
|
فالناس أضداد
له وخصوم
|
كضرائر
الحسناء قلن لوجهها
|
|
كذبا وزورا
إنه لدميم
|
وقيل للحسن :
يا أبا سعيد أيحسد المؤمن؟ قال : ويلك ما أنساك بني يعقوب حيث ألقوا أخاهم يوسف في
الجب! ولكن الحسد لا يضر مؤمنا دون أن يبديه بيد أو لسان. فأما قول النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «لا حسد إلا في اثنين : رجل آتاه الله مالا فهو
ينفقه في سبيل الله عزوجل .. ورجل آتاه الله قرآنا فهو يتلوه بالليل والنهار» صدق
رسول الله. فإن معناه أن الحسد لا يجب أن يكون في شيء من الأشياء .. ولو كان واجبا
لكان في هذين.