(اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) (٣)
(اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) : أعربت في الآية الكريمة الأولى وحذف مفعول الفعل اختصارا أي اقرأ يا محمد ما يوحى إليك. الواو استئنافية. ربك : مبتدأ مرفوع بالضمة والكاف ضمير متصل ـ ضمير المخاطب ـ مبني على الفتح في محل جر مضاف إليه. الأكرم : صفة ـ نعت ـ للرب سبحانه مرفوع بالضمة وحذف خبر المبتدأ اختصارا بمعنى : وربك الأكرم سيجزيك على طاعتك وقراءتك فجملة «يجزيك» في محل رفع خبر المبتدأ.
** (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الأولى .. وهو أول ما نزل من القرآن الكريم كلام الله المعجزة نزل على فخر الكائنات محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بلفظ عربي مبين في ليلة القدر من شهر رمضان المبارك وقد بدأ نزوله بعد السنة الأربعين من مولد الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو آخر الكتب السماوية نزولا وأوحي إليه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو في غار «حراء» بأول أمر من القرآن الكريم عن طريق جبريل ـ عليهالسلام ـ وهو (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) والقرآن : مصدر الفعل «قرأ» نحو : قرأت الكتاب قراءة وقرآنا .. وقرأ الشيء : بمعنى : جمعه وضمه أو ضم بعضه إلى بعض ومنه سمي القرآن لأنه يجمع السور ويضمها وقوله تعالى في سورة «القيامة» : (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ) معناه : جمعه وقراءته. والقرآن الكريم منزه عن الشك لأنه كتاب الله القوي الأعلى وصوته القدسي المبارك وهديه المبين فيه للعقول غذاء وللقلوب شفاء وللنفوس دواء .. أي جمعه في صدرك وإثبات قراءته على لسانك. وقيل : سمي بعض القرآن قرآنا لأن القرآن اسم جنس يقع على كله وبعضه. والآية الكريمة المذكورة آنفا بمعنى ابتدئ مفتتحا باسم ربك أي ابتدئ قراءة القرآن أو مستعينا باسم ربك الذي خلق كل شيء في الوجود.
** (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة وفيه ردع وزجر لمن كفر بنعمة الله عليه بطغيانه وإن لم يذكر لدلالة الكلام عليه وقيل : كلا : حرف جواب بمعنى : نعم حقا وهو هنا ليس ردا .. يقال : طغا ـ يطغو ـ طغوا ـ من باب «قال» وطغي ـ يطغى .. من باب «تعب» ومن باب «نفع» لغة فيه. والمصدر : طغيانا وطغوانا : بمعنى جاوز الحد في العصيان فهو طاغ.
** سبب نزول الآية : روي أن أبا جهل ـ لعنه الله ـ أنه قال : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قالوا : نعم. قال : فوالذي يحلف به لئن رأيته لوطئت عنقه! فجاءه ثم نكص على عقبيه ـ أي رجع ـ فقالوا له : ما لك يا أبا الحكم؟ فقال : إن بيني وبينه لخندقا من نار وهولا وأجنحة أي أراد هذا الملعون أنه لو رأى محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يفعل ذلك ـ أي يصلي ـ أو لو رآه ساجدا ليعفرن وجهه في التراب ويطأ عنقه! فأنزل الله تعالى هذه الآية الكريمة وما تلاها.
** (أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السابعة .. المعنى : لأجل رؤيته نفسه غنيا ..