سقط وغرب ويأتي بمعنى : علا وصعد والمعنى يتبين أي الفرق بين المعنيين يعرف من حركة الهاء في المصدر .. فالمصدر «هويا» بفتح الهاء للارتفاع .. و «هويا» بضم الهاء : للانحدار أي السقوط.
** (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الثانية .. بمعنى : ما ضل محمد في عقيدته وما خاب. وضل في عقيدته من الغي وهو الضلال أيضا .. يقال : ضل الشيء ـ يضل ـ بمعنى ضاع وهلك. والضلال : ضد الرشاد وقد ضل الرجل ـ يضل ـ ضلالا وضلالة وضللت بفتح اللام الأولى هي لغة نجد وهي الفصيحة وأهل العالية يقولون : ضللت ـ بكسر اللام في الماضي والمضارع أضل وضل ـ ضلالة من باب «ضرب» بمعنى : زل عن الطريق ولم يهتد إليه ومثله الفعل «غوى» وهو من بابه أيضا ـ من باب «ضرب» بمعنى : انهمك في الجهل وهو خلاف الرشد والاسم : الغواية ـ بفتح الغين وبمعنى : خاب وضل وهو غاو ـ اسم فاعل ـ وجمعه : غواة .. يقال : هذا رجل هاو ولا يقال : غاو لأن «غاو» بمعنى : منهمك في الباطل .. وتستعمل العرب أسلوب الدعاء على الإنسان وهي تريد الدعاء له كقولهم : هوت أمه : أي سقطت وهي هاوية وهذا دعاء لا يراد به الوقوع وإنما يقال عند التعجب والمدح كما يقال للديغ : سليم. واللديغ : بمعنى الملدوغ ـ فعيل بمعنى مفعول ـ
** (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة. المعنى : علم محمدا القرآن ملك شديد القوى أي شديدة قواه هو جبريل ـ عليهالسلام ـ وأضيف «شديد» وهو صفة مشبهة إلى فاعلها «القوى» والإضافة غير حقيقة لأن المعنى : شديدة قواه .. أو بمعنى : علم جبريل ـ عليهالسلام ـ محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الوحي. ووصف الله تعالى الملك جبريل ـ عليهالسلام ـ بشدة قواه. ويروى عن قوة جبريل ـ عليهالسلام ـ أنه اقتلع قرى قوم لوط من الماء الأسود وحملها على جناحه ورفعها إلى السماء وقلبها وصاح صيحة بثمود فأصبحوا جاثمين .. وكان هبوطه على الأنبياء وصعوده في أوحى ـ أسرع ـ من رجعة الطرف. ورأى إبليس يكلم عيسى ـ عليهالسلام ـ على بعض عقاب الأرض المقدسة فنفحه بجناحه نفحة فألقاه في أقصى جبل بالهند.
** (ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة السادسة .. المعنى : ذو قوة أو ذو حصافة في عقله ورأيه فاستوى أي فاستقام للرسول الكريم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عند ما أحب أن يراه في صورته الحقيقية استقام له في الأفق الأعلى وهو أفق الشمس عاليا فملأ الأفق .. وقد قيل في تفسير هذه الآية الكريمة وفي قوله تعالى في سورة «التكوير» (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) قيل : لقد ثبت طاعة الملائكة أيضا لنبينا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وورد أن جبريل ـ عليهالسلام ـ قال للنبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : إن الله يقرئك السلام وقد أمر ملك الجبال أن يطيعك ـ عند ما آذته قريش ـ فسلم عليه الملك وقال : إن أمرتني أن أطبق عليهم الأخشبين ـ أي الأرضين ـ فعلت. فصبر النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ واحتسب. وأعظم من ذلك وأشرف مقامه المحمود في الشفاعة الكبرى يوم لا يتقدمه أحد إذ يقول الله تعالى له : «ارقع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطه واشفع تشفع» وقيل : ما رأى أحد من الأنبياء جبريل عليهالسلام ـ في صورته الحقيقية غير محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مرتين : مرة في الأرض ومرة في السماء.