موزونا مقصودا به ذلك فما خلا من هذه القيود أو من بعضها فلا يسمى شعرا ولا يسمى قائله شاعرا ولهذا ما ورد في الكتاب أو السنة موزونا فليس بشعر لعدم القصد أو التفقية وكذلك ما يجري على ألسنة بعض الناس من غير قصد لأنه ماخوذ من شعرت إذا فطنت وعلمت .. وجمع «الشاعر» شعراء وجمع «فاعل» على «فعلاء» نادر ومثله : عاقل ـ عقلاء .. صالح ـ صلحاء. قال ابن خالويه : وإنما جمع «شاعر» على «شعراء» لأن من العرب من يقول : شعر ـ بضم العين فقياسه أن تجيء الصفة على «فعيل» نحو : شرف ـ بضم الراء ـ فهو شريف فلو قيل كذلك لالتبس بشعير الذي هو الحب فقالوا شاعر ولمحوا في الجمع بناءه الأصلي وأما نحو «علماء» و «حكماء» فجمع «عليم» و «حكيم» ومنه القول : شعرت بالشيء ـ اشعر ـ شعورا .. من باب «قعد» بمعنى : علمت. وقولهم : ليت شعري : معناه ليتني علمت. وقال الأخفش : الشاعر مثل لابن وتامر أي صاحب شعر وما كان شاعرا فشعر ـ من باب ظرف ـ وهو يشعر .. أما المتشاعر فهو الذي يتعاطى قول الشعر .. ويسمى الشعراء الذين أدركوا الجاهلية والإسلام : المخضرمين .. كحسان ولبيد : وهم طبقة من طبقات الشعراء الذين يسمون الجاهليين كامرئ القيس وزهير .. والمتقدمين من أهل الاسلام .. كالفرزدق وجرير .. وهؤلاء يستشهد بأشعارهم والمحدثين كالبحتري وأبي تمام وهم لا يستشهد بشعرهم.
** (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والأربعين .. المعنى : من شراب معين أو من نهر معين : وهو الجاري على وجه الأرض الظاهر للعيون .. وصف بما يوصف به الماء لأنه يجري في الجنة في أنهار كما يجري الماء .. أي يطاف عليهم بكؤوس من خمر نابعة كأنها نهر ومن معين : أي من شراب معين .. فحذف الموصوف «شراب» وحلت صفته «معين» محله أو من نهر معين. أي ظاهر أو نابع من العيون .. يقال : عان الماء ـ يعين ـ عينا .. من باب «باع» بمعنى : جرى أو بلغ العيون والماء معين ومعيون وصف بها خمر الجنة لأنها تجري كالماء. والكأس : تلفظ ساكنة ويجوز تخفيفها .. وقيل : الكأس هي القدح مملوءا من الشراب والقدح هو إناء معروف وجمعه : أقداح : أي آنية يشرب فيها .. وقيل لا يقال : قدح إلا إذا كان فارغا. فإذا كان فيه شراب قيل له : كأس. والكأس : لفظة مؤنثة وجمعها : كئوس .. و «القدح» لفظة مذكرة .. نقول : ملأت القدح الفارغ .. وقال الجوهري : قال ابن الأعرابي : لا تسمى الكأس كأسا إلا وفيها الشراب ولهذا لا يصح القول : ملأت الكأس الفارغة. وقد أيد قول ابن الأعرابي معظم المصادر اللغوية وأورد «الصحاح» و «المصباح المنير» و «المعجم الوسيط» هذا أيضا إلا أن «تاج العروس» قال : الكأس والإناء : يشرب فيه .. أو ما دام الشراب فيه وجاراه في ذلك «متن اللغة» و «المحيط» و «محيط المحيط» يقال : قدح فلان في فلان ـ يقدحه ـ قدحا .. من باب «قطع» بمعنى : عابه وتنقصه وقدح في نسبه : أي طعن .. وفي عدالته .. أي عيبه وذكر ما يؤثر في انقطاع النسب ورد الشهادة .. ويقال : أضئ لي أقدح لك. أي كن لي أكن لك. ودليل تأنيث «كأس» هو قوله تعالى في الآية الكريمة التالية (بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) أي وصفت بصفة مؤنثة وهي «بيضاء» و «لذة» أما أن توصف الكأس «باللذة» كأنها نفس اللذة وعينها أو هي تأنيث «اللذ» .. يقال : لذ الشيء ـ يلذ ـ لذا .. ولذذت الشيء : أو وجدته لذيذا .. من باب «سلم» ومثله : التذ به وتلذذ به واستلذه : أي عده لذيذا فهو لذيذ ولذ كقولك : رجل طيب .. وجاءت لفظة «كأس» مؤنثة في قول الأعشى :
وكأس شربت على لذة |
|
وأخرى تداويت منها بها |