** (قالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ) : هذا القول الكريم هو بداية الآية الكريمة الحادية والتسعين المعنى : لن نزال على عبادة العجل مقيمين.. يقال : عكف على عبادة ربّه ـ يعكف عكوفا من باب «قعد» قعودا.. ومن باب «ضرب» أي عكفا.. بمعنى لازمها وأقبل عليها مواظبا ويتعدى الفعل «عكف» بنفسه إلى المفعول.. نحو : عكفت الشيء : أي حبسته.. ومنه «الاعتكاف» وهو افتعال لأنه حبس النفس عن التصرفات العادية. أما الفعل «نبرح» وماضية «برح» فهو من باب «تعب» نحو : برح الشيء : أي زال من مكانه. ومنه قيل للّيلة الماضية : البارحة ـ اسم فاعل ـ وما برح مكانه : بمعنى : لم يفارقه وما برح يفعل كذا : أي بمعنى : المواظبة والملازمة وبرّح به الضرب تبريحا : أي اشتدّ وعظم ومنه القول ضرب ضربا مبرّحا : أي شديدا. ومن أخطائهم قولهم : حصل ذلك ليلة البارحة لأن «البارحة» هي الليلة الماضية أي هي أقرب ليلة مضت فليلة البارحة معناها : ليلة الليلة! ومن هنا يتبين ضعف العبارة فالصواب أن نقول : حصل ذلك البارحة. وهي اسم فاعل بمعنى : الزائلة أو المنقضية.
** (قالَ يَا بْنَ أُمَ) : هذا القول الكريم هو مستهل الآية الكريمة الرابعة والتسعين. أي يا أخي يا ابن أمي.. وخصّ الأم استعطافا لقلبه. وقيل : يجوز في هذا النوع من المنادى أن يكون المضاف إلى ياء المتكلم المحذوفة فتح آخره ـ الميم ـ أو كسرها لأن ثبوت الياء في هذه الحالة قليل وحذفها للتخفيف. وقال الزمخشري : قرئت ابن أمّ بالفتح تشبيها بالعدد المركب خمسة عشر.. وبالكسر.. بطرح ياء الإضافة أي ياء المتكلم.
** (لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي) : فتح اللام في «لحيتي» لغة أهل الحجاز.. وفي الآية الكريمة حذف وهو قول موسى : أفعصيت أمري ثم جذبه من لحيته ورأسه فقال هارون : لا تأخذ بلحيتي بمعنى : لا تفعل بي هذا وقيل : إن موسى لم يفعل ذلك معاقبة لهارون. ويجوز أن تكون الباء في «بلحيتين» زائدة فتكون «لحيتي» اسما مجرورا لفظا منصوبا محلا بتأخذ. وقيل التقدير والمعنى : لا تأخذ بشعر لحيتي ولا بشعر رأسي.. فحذف المضاف «شعر» وأقيم المضاف إليه مقامه.
** (قالَ فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُ) : هذا القول الكريم هو نص الآية الكريمة الخامسة والتسعين.. أي فالتفت موسى إلى السامريّ وقال له : فما شأنك؟ وما الذي فعلته يا سامريّ؟ وبمعنى : ما أمرك؟ وحقيقته : ما مخطوبك؟ أي ما مطلوبك؟ فسمّي المخطوب خطبا كما سمّي «المشئون» شأنا في قولك : ما شأنك؟ يقال : شأنت شأنه : أي قصدت قصده. ويقال : خطب ـ يخطب القوم وعلى القوم خطبة ـ بضم الخاء.. من باب «قتل» بمعنى : وعظ على المنبر.. أي نصح الناس وذكرهم بالعواقب. وخطب ـ بضم الطاء خطبة : أي صار خطيبا. واشتقاق «الخطبة» بضم الخاء وكسرها من «خاطبه» مخاطبة وخطابا.. وهو الكلام بين متكلم وسامع والمصدر «خطبة» بهذا المعنى.. بضم الخاء وبكسرها هو الاسم من خطب المرأة إلى القوم : إذا طلب أن يتروج منهم.. و «الخطبة» بضم الخاء هي الموعظة وهي فعلة بمعنى : مفعولة نحو : نسخة بمعنى منسوخة.
** (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُها) : في هذا القول الكريم الوارد في الآية الكريمة السادسة والتسعين سمّي الملك جبريل ـ عليهالسلام ـ رسولا. أي قال السامري لموسى ـ عليهالسلام ـ رأيت ما لم يروه وهو جبريل جاء بالوحي وكنت أعلم أنه روحانيّ لا يمسّ أثره شيئا إلّا أحياه فأخذت قليلا من التراب الذي وطئه فألقيته على الحلي المذابة أو يكون المعنى بحذف