ويدل عليه قوله سبحانه : (وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ) [التوبة : ٢٨] ، فيحمل المطلق هنا على المقيد هناك.
وجملة : (وَاللهُ واسِعٌ) : مؤكدة لما قبلها مقررة لها ، والمراد أنه سبحانه ذو سعة لا ينقص من سعة ملكه من يغنيه من عباده.
(عَلِيمٌ (٣٢)) بمصالح خلقه ، يغني من يشاء ويفقر من يشاء (١).
[الآية الحادية عشرة]
(وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً وَآتُوهُمْ مِنْ مالِ اللهِ الَّذِي آتاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْراهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣٣)).
(وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) : المكاتبة في الشرع : أن يكاتب الرجل عبده على مال يؤديه منجما ، فإذا أداه فهو حر.
وظاهر قوله : (فَكاتِبُوهُمْ) أن العبد إذا طلب المكاتبة من سيده وجب عليه أن يكاتبه بالشرط المذكور بعد ، وهو :
(إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً) : والخير : هو القدرة على أداء ما كوتب عليه وإن لم يكن له مال.
وقيل : هو المال فقط ، كما ذهب إليه مجاهد والحسن وعطاء والضحاك وطاووس ومقاتل.
وذهب إلى الأول ابن عمر وابن زيد ، واختاره مالك والشافعي والفرّاء والزجاج.
قال الفراء : يقول إن رجوتم عندهم وفاء وتأدية للمال.
وقال الزجاج : لما قال فيهم كان الأظهر الاكتساب والوفاء وأداء الأمانة.
__________________
(١) انظر : الطبري (١٨ / ١٢٩) ، وابن كثير (٦ / ٥٦ ، ٥٧) ، والقرطبي (١٢ / ٢٥١) ، وزاد المسير (٦ / ٣٧).