الجيوب ليسترن بذلك ما كان يبدو ، وفي لفظ الضرب مبالغة في الإلقاء الذي هو الإلصاق ، وقد فسّر الجمهور الجيوب بما ذكرنا وهو المعنى الحقيقي.
وقال مقاتل : إن معنى (عَلى جُيُوبِهِنَ) : على صدورهن ؛ فيكون في الآية مضاف محذوف ، أي على مواضع جيوبهن (١).
(وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَ) : البعل : هو الزوج والسيد في كلام العرب ، وقدم البعولة لأنهم المقصودون بالزينة ولأن كل بدن الزوجة والسرية حلال لهم ، ومثله قوله سبحانه : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٥) إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٦)) [المؤمنون : ٥ ـ ٦].
(أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَ) فجوز للنساء أن يبدين الزينة لهؤلاء لكثرة المخالطة وعدم خشية الفتنة ، لما في الطباع من النفرة عن القرائب.
وقد روي عن الحسن والحسين رضي الله عنهما : أنهما كانا لا ينظران إلى أمهات المؤمنين ، ذهابا منهما إلى أن أبناء البعولة لم يذكروا في الآية التي في أزواج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهي قوله : (لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَ) [الأحزاب : ٥٥] ، والمراد بأبناء بعولتهن ذكور أولاد الأزواج ، ويدخل في قوله : (أَبْنائِهِنَ) أولاد الأولاد ـ وإن سفلوا ـ وأولاد بناتهن ـ وإن سفلوا ـ وكذلك آباء البعولة وآباء الآباء وآباء الأمهات ـ وإن علوا ـ وكذلك أبناء أبناء البعولة ـ وإن سفلوا ـ وكذلك الإخوة والأخوات.
وذهب الجمهور إلى أن العم والخال كسائر المحارم في جواز النظر إلى ما يجوز لهم ، وليس في الآية ذكر الرضاع وهو كالنسب ، وقال الشعبي وعكرمة : ليس العم والخال من المحارم.
(أَوْ نِسائِهِنَ) : هي المختصات بهن الملابسات لهن بالخدمة أو الصحبة ، ويدخل في ذلك الإماء ، ويخرج من ذلك نساء الكفار من أهل الذمة وغيرهم ، فلا يحل لهن أن يبدين زينتهن لهن لأنهن لا يتحرجن من وصفهن للرجال ، وفي هذه المسألة خلاف بين أهل العلم ، وإضافة النساء إليهن تدل على اختصاص ذلك بالمؤمنات.
__________________
(١) انظر : الطبري (١٨ / ٩٢) ، وزاد المسير (٦ / ٣٦) ، والنكت (٣ / ١٢٢) ، ومعاني النحاس (٤ / ٥٢٥ ، ٥٢٧).