(ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ) : حذف المفعول للتعميم لكونه بعث إلى الناس كافة.
وسبيل الله : هو الإسلام.
(بِالْحِكْمَةِ) : أي بالمقالة المحكمة الصحيحة.
قيل : وهي الحجج القطعية المفيدة لليقين.
(وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) : وهي المقالة المشتملة على الموعظة الحسنة التي يستحسنها السامع ، وتكون في نفسها حسنة باعتبار انتفاع السامع بها.
قيل : وهي الحجج الظنية الإقناعية الموجبة للتصديق بمقدمات مقبولة. قيل : وليس للدعوة إلا هاتان الطريقتان. ولكن الداعي قد يحتاج مع الخصم الألد إلى استعمال المعارضة والمناقضة ونحو ذلك من الجدل ، ولهذا قال سبحانه :
(وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) : أي بالطريق التي هي أحسن طرق المجادلة ، وإنما أمر الله سبحانه بالمجادلة الحسنة لكون الداعي محقا وغرضه صحيحا وكان خصمه مبطلا وغرضه فاسدا (١).
[الآية السابعة]
(وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (١٢٦)).
(وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ) : أي بمثل ما فعل بكم لا تجاوزوا ذلك.
قال ابن جرير (٢) : نزلت هذه الآية فيمن أصيب بظلامة أن لا ينال من ظالمه إذا تمكن إلا مثل ظلامته ، لا يتعداها إلى غيرها ، وهذا صواب ؛ لأن الآية وإن قيل : إن لها سببا خاصا فالاعتبار بعموم اللفظ ، وعمومه يؤدي هذا المعنى الذي ذكره. وسمى سبحانه الفعل الأول الذي هو فعل البادئ بالشر عقوبة ، مع أن العقوبة ليست إلا فعل الثاني وهو المجازي ، للمشاكلة وهي باب معروف وقع في كثير من آيات الكتاب
__________________
(١) اختلف العلماء في هذه الآية : أمنسوخة أم محكمة؟ وقد ذكر القرطبي (١٠ / ٢٠٠) أنها محكمة من جهة العصاة من الموحدين ، ومنسوخة بالقتال في حق الكافرين.
وانظر : النحاس (١٨٠) ، والإيضاح (٢٩١) ، وابن البازي (٢٩٥) ، والبصائر (١ / ٢٨٠).
(٢) انظر : تفسير الطبري (١٤ / ١٩٧).