(وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) لفظ عام ، يقتضي أن الصلح الذي تسكن إليه النفوس ، ويزول به الخلاف ، خير على الإطلاق ، أو خير من الفرقة ، أو الخصومة ، أو النشوز والإعراض ، وهذه الجملة اعتراضية.
[الآية الرابعة والثلاثون]
(وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (١٢٩)).
(وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا) : أخبر سبحانه وتعالى بنفي استطاعتهم للعدل.
(بَيْنَ النِّساءِ) على الوجه الذي لا ميل فيه البتة ، لما جبلت عليه الطباع البشرية ، من ميل النفس إلى هذه دون هذه ، وزيادة هذه في المحبة ونقصان هذه ، وذلك بحكم الخلقة ، بحيث لا يملكون قلوبهم ، ولا يستطيعون توقيف أنفسهم على التسوية.
ولهذا كان يقول الصادق المصدوق صلىاللهعليهوآلهوسلم : «اللهم هذا قسمي فيما أملك ، فلا تلمني فيما لا أملك».
رواه ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن المنذر عن عائشة ، وإسناده صحيح (١).
(وَلَوْ حَرَصْتُمْ) على العدل بينهنّ في الحبّ.
(فَلا تَمِيلُوا) إلى التي تحبونها في القسم والنفقة.
__________________
كما فعلت سودة في تركها ليلتها لعائشة. (معاني القراءات ص ١٣٣) بتحقيقنا ـ ط دار الكتب العلمية ـ بيروت.
(١) حديث ضعيف : رواه أبو داود (٢١٣٤) ، والترمذي (١١٤٠) ، والنسائي (٧ / ٦٤٢٦٣) ، وابن ماجة (١٩٧١) ، وأحمد (٦ / ١٤٤) ، وابن أبي شيبة في «المصنف» (٣ / ٤٤٦ ، ٤٤٧) ، والحاكم (٢ / ١٨٧) ، والبيهقي (٧ / ٢٦٣ ، ٦٤٢) ، والدارمي (٢ / ١٤٤) ، وابن أبي حاتم في علله» (١ / ٤٢٥) ، وابن حبان (١٠ / ٥) ، (٤٢٠٥).
قلت : فقد صححه كلا من الحاكم والذهبي وابن كثير والأمير الصنعاني.
ولكن أهل الجرح والتعديل من أئمة المحققين المتقدمين قد أعلّوه ، وعليه أنه حديث مرسل. وتفصيل ذلك في «الإرواء» (٧ / ٨٢) (٢٠١٨).