يا علي ، الدنيا سجنُ المؤمنِ وجنّةُ الكافر (١٧٥).
______________________________________________________
( وَالبَاقِيَاتُ الصّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ مَّرَدّاً ) (١).
(١٧٥) أي سجن المؤمن بالمقايسة إلى ما أعدّ الله تعالى له في الدار الآخرة من النعيم المقيم .. وإن كان المؤمن في الدنيا منّعماً مكرّماً ، وجنّة الكافر أي بالنسبة إلى ما أعدّ الله تعالى له في الدار الآخرة من العذاب الأليم .. وإن كان الكافر في دنياه فقيراً سقيماً.
قال الشيخ المفيد ، قد جاء الحديث من آل محمّد عليهمالسلام أنّهم قالوا ، الدنيا سجن المؤمن والقبر بيته والجنّة مأواه ، والدنيا جنّة الكافر والقبر سجنه والنار مأواه .. (٢).
وبالوجه الذي بيّناه جاء حديث الإربلي أنّ الإمام الحسن المجتبى عليهالسلام إغتسل يوماً وخرج من داره في حُلّة فاخرة ومحاسن سافرة ، راكباً بغلة فارهة مع كمال أوصاف السعادة .. فعرض له في طريقه رجل هِمّ من اليهود قد أنهكته العلّة وركبته الذلّة حاملا جرّة من الماء على ظهره .. فاستوقف الإمام الحسن عليهالسلام وقال له ، يابن رسول الله أنصفني ، فقد قال جدّك ، الدنيا سجن المؤمن وجنّة الكافر ، وأنت مؤمن وأنا كافر ، وما أرى الدنيا إلاّ جنّة تتنعّم بها ، وما أراها إلاّ سجناً لي قد أهلكني؟
فأجاب الإمام الحسن عليهالسلام ، « يا شيخ لو نظرت إلى ما أعدّ الله لي وللمؤمنين في الدار الآخرة ممّا لا عين رأت ، ولا اُذن سمعت ، لعلمت أنّي قبل إنتقالي إليه في هذه الدنيا في سجن ضنك ، ولو نظرت إلى ما أعدّ الله لك ولكلّ كافر في الدار الآخرة من سعير نار الجحيم ، ونكال العذاب المقيم ، لرأيت أنّك قبل مصيرك إليه الآن في جنّة واسعة ، ونعمة جامعة » (٣).
__________________
١ ـ سورة مريم ، الآية ٧٦.
٢ ـ سفينة البحار ، ج ١ ، ص ٦٠٣.
٣ ـ بحار الأنوار ، ج ٤٣ ، ص ٣٤٦.