(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) أي : الكفار مع ادعائهم الشريك (مَنْ خَلَقَهُمْ) أي : العابدين والمعبودين معا (لَيَقُولُنَّ اللهُ) أي : الذي له جميع صفات الكمال لتعذر المكابرة من فرط ظهوره (فَأَنَّى) أي : فكيف وأي جهة بعد أن أثبتوا له الخلق والأمر (يُؤْفَكُونَ) أي : يصرفون عن اتباع رسولنا الآمر لهم بتوحيدنا في العبادة كما أنا توحدنا في الخلق.
وقرأ : (وَقِيلِهِ) أي : قول محمد صلىاللهعليهوسلم عاصم وحمزة بخفض اللام والهاء على معنى وعنده علم الساعة وعلم قيله ، والباقون بنصب اللام ورفع الهاء على المصدر بفعله المقدر أي : وقال (يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ) أي : أقوياء على الباطل ولم يضفهم إلى نفسه بأن يقول قومي ونحو ذلك من العبارات ولا سماهم باسم قبيلتهم لما شأنه من حالهم (لا يُؤْمِنُونَ) أي : لا يتجدد منهم هذا الفعل أصلا.
(فَاصْفَحْ) أي : اعف عفو من أعرض (عَنْهُمْ) صفحا فلا تلتفت إليهم بغير التبليغ (وَقُلْ) أي : لهم (سَلامٌ) أي : شأني الآن متاركتكم بسلامتكم مني وسلامتي منكم ، قال ابن عباس : وهذا منسوخ بآية السيف ، وقال الرازي : وعندي التزام النسخ في مثل هذه المواضع مشكل لأن الأمر لا يقيد بالفعل إلا مرة واحدة فسقطت دلالة اللفظ فأي حاجة إلى التزام النسخ ، وأيضا فاللفظ المطلق قد يتقيد بحسب العرف فإذا كان كذلك فلا حاجة إلى التزام النسخ وجرى على النسخ الجلال المحلي فقال : وهذا قبل أن يؤمر بقتالهم وقوله تعالى : (فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) فيه تهديد لهم وتسلية للنبي صلىاللهعليهوسلم ، وقرأ نافع وابن عامر بتاء الخطاب التفاتا ، والباقون بياء الغيبة نظرا لما تقدم وما قاله البيضاوي تبعا للزمخشري من أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «من قرأ سورة الزخرف كان ممن يقال له يوم القيامة : يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون» (١) حديث موضوع.
__________________
(١) ذكره الزمخشري في الكشاف ٤ / ٢٧١.