معصومة لا تجتمع على ضلالة ، وصفوفهم كصفوف الملائكة ، ولها فضائل كثيرة على سائر الأمم. منها :
أنها أول من يدخل الجنة بعد الأنبياء عليهمالسلام. ومنها : وضع الإصر ، وليلة القدر والجمعة ورمضان على أحد قولين ، ونظر الله تعالى إليهم ومغفرته لهم أول ليلة منه ، وطيب خلوف فم صائمه عنده تعالى ، واستغفار الملائكة عليهمالسلام في ليله ونهاره ، وأمر الله تعالى الجنة أن تتزين لهم ، وردّ صدقاتهم إلى فقرائهم ، والغرة والتحجيل من أثر الوضوء ، وسلسلة الإسناد والحفظ عن ظهر قلب ، وأخذ العلم عن الأحداث والمشايخ.
وكتابه صلىاللهعليهوسلم معجز محفوظ من التغيير والتبديل ، وأقيم بعده حجة على الناس ، ومعجزات سائر الأنبياء انقرضت ، وشريعته مؤبدة ناسخة لغيرها من الشرائع ، وتطوعه قاعدا كقائم ، ويحرم رفع الصوت فوق صوته ، قال القرطبي : وكره بعضهم رفعه عند قبره صلىاللهعليهوسلم ، ولا تبطل صلاة من خاطبه بالسلام ، وتجب إجابته في الصلاة ولو بالفعل ولا تبطل ، ويحرم نداؤه من وراء الحجرات ، ويحرم نداؤه باسمه كيا محمد صلىاللهعليهوسلم لا بكنيته كيا أبا القاسم ، ويحرم التكني بكنيته مطلقا. وقيل : مختص بزمنه. وقيل على من اسمه محمد ، وكان يتبرك ويستشفى ببوله ودمه وفضلاته النازلة من الدبر لا ترى بخلافها من القبل. والذي صوبه بعض المتأخرين طهارتها وهو الصواب ، وأولاد بناته ينسبون إليه. وأعطي جوامع الكلم.
وكان يؤخذ عن الدنيا عند تلقي الوحي ولا يسقط عنه التكليف ، ورؤيته في النوم حق ، ولا يعمل بها فيما يتعلق بالأحكام لعدم ضبط النائم ، والكذب عمدا عليه كبيرة ، ولا يجوز الجنون على الأنبياء ولا الاحتلام ولا تأكل الأرض لحومهم. وفي هذا القدر كفاية. ومن أراد الزيادة على ذلك فعليه بكتب الخصائص ، فإن العلماء قد صنفوا في ذلك تصانيف ، وأنا أسأل الله تعالى من فضله وكرمه أن يشفعه فينا ويدخلنا معه الجنة ، ويفعل ذلك بأهلينا ومشايخنا وإخواننا ومحبينا ولا يحرمنا زيارته ولا رؤيته قبل الممات.
ولما كان التخصيص لا يصح ولا يتصور إلا من محيط العلم بأن هذا الأمر ما كان لغير المخصوص تام القدرة لمنع غيره من ذلك قال تعالى : (قَدْ) أي : أخبرناك بأن هذا أمر يخصك غيرهم لأناقد (عَلِمْنا ما فَرَضْنا) أي : قدرنا بعظمتنا (عَلَيْهِمْ) أي : على المؤمنين (فِي أَزْواجِهِمْ) أي : من شرائط العقد ، وأنهم لا تحل لهم امرأة بلفظ الهبة منها ، ولا بدون مهر ولا بدون ولي وشهود ، وهذا عام لجميع المؤمنين المتقدمين والمتأخرين (وَ) في (ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ) من الإماء بشراء وغيره بأن تكون الأمة ممن تحل لمالكها كالكتابية بخلاف المجوسية والوثنية ، وأن تستبرأ قبل الوطء ، وقيل : المراد أن أحدا غيرك لا يملك رقبة بهبتها لنفسها منه فيكون أحق من سيدها.
ولما فرغ من تعليل الدونية علل التخصيص لفا ونشرا مشوشا بقوله تعالى : (لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ) أي : ضيق في شيء من أمر النساء حيث أحللنا لك أنواع المنكوحات وزدناك الواهبة ، فلكيلا متعلق بخالصة وما بينهما اعتراض ، ومن دون متعلق بخالصة كما تقول خلص من كذا (وَكانَ اللهُ) أي : المتصف بصفات الكمال أزلا وأبدا (غَفُوراً رَحِيماً) أي : بليغ الستر على عباده.