الخيل ستة وثلاثين فرسا ، وكان هذا أول فيء وضع فيه السهمان ، وجرى على سننه في المغازي واصطفى رسول الله صلىاللهعليهوسلم من سباياهم ريحانة بنت عمرو بن قريظة.
وكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يحرص عليها أن يتزوجها ويضرب عليها الحجاب فقالت : يا رسول الله تتركني في ملكك فهو أخف علي وعليك فتركها ، وكانت حين سباها كرهت الإسلام وأبت إلا اليهودية فعزلها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ووجد في نفسه من أمرها ، فبينما هو مع أصحابه إذ سمع وقع نعلين خلفه فقال : إن هذا لثعلبة بن شعبة يبشرني بإسلام ريحانة ، فجاءه فقال : يا رسول الله قد أسلمت ريحانة فسره ذلك.
روي أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم جعل عقارهم للمهاجرين دون الأنصار فقالت الأنصار في ذلك فقال : إنكم في منازلكم وقال عمر : إنا نخمس كما خمست يوم بدر ، قال : لا إنما جعلت هذه طعمة لي دون الناس قال : رضينا بما صنع الله ورسوله.
وأنزل الله تعالى توبة أبي لبابة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو في بيت أم سلمة ، فسمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يضحك فقالت : مم تضحك يا رسول الله أضحك الله تعالى سنك فقال : تيب على أبي لبابة فقالت : ألا أبشره بذلك يا رسول الله قال : بلى إن شئت ، فقامت على باب حجرتها وذلك قبل أن يضرب عليهن الحجاب فقالت : يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله تعالى عليك ، فثار الناس إليه ليطلقوه فقال : لا والله حتى يكون رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو الذي يطلقني بيده ، فلما مر عليه خارجا إلى الصبح أطلقه ، ومات سعد بن معاذ بعد انقضاء غزوة بني قريظة.
قالت عائشة : فحضره رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر وعمر ، فو الذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء عمر من بكاء أبي بكر وإني لفي حجرتي ، قالت : وكانوا كما قال الله تعالى (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) [الفتح : ٢٩] واختلف في تفسير قوله تعالى (وَأَرْضاً) أي : وأورثكم أرضا (لَمْ تَطَؤُها) فعن مقاتل أنها خيبر وعليه أكثر المفسرين ، وعن الحسن فارس والروم ، وعن قتادة كما تحدث أنها مكة ، وعن عكرمة كل أرض تفتح إلى القيامة ، ومن بدع التفسير أنه أراد نساءهم انتهى.
ولما كان ذلك أمرا باهرا سهله بقوله تعالى : (وَكانَ اللهُ) أي : أزلا وأبدا بما له من صفات الكمال (عَلى كُلِّ شَيْءٍ) هذا وغيره (قَدِيراً) أي : شامل القدرة ، روى أبو هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يقول : «لا إله إلا الله وحده أعز جنده ونصر عبده وغلب الأحزاب وحده فلا شيء بعده» (١).
ولما أرشد الله تعالى نبيه صلىاللهعليهوسلم إلى جانب ما يتعلق بجانب التعظيم لله تعالى بقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ) ذكر ما يتعلق بجانب الشفقة ، وبدأ بالزوجات فإنهن أولى الناس بالشفقة ولهذا قدمهن في النفقة فقال : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ) أي : نسائك (إِنْ كُنْتُنَ) أي : كونا راسخا (تُرِدْنَ) أي : اختيارا على (الْحَياةَ) ووصفها بما يزهد فيها ذوي الهمم ، ويذكر من له عقل بالآخرة بقوله تعالى : (الدُّنْيا) أي : ما فيها من السعة والرفاهية والنعمة (وَزِينَتَها) أي : المنافية لما أمرني به ربي من الإعراض عنه واحتقاره من أمرها لأنها أبغض خلقه إليه لأنها قاطعة عنه
__________________
(١) أخرجه البخاري في المغازي حديث ٤١١٤ ، ومسلم في الحج حديث ١٢١٨ ، وأبو داود في المناسك حديث ١٩٠٥.