صلىاللهعليهوسلم : (وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ ،) أي : حالتكم ، وفيه وعيد وتهديد ، وإن كانت صيغته صيغة الأمر فهو كقوله تعالى لإبليس : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ) [الإسراء ، ٦٤] وقرأ شعبة بعد النون بألف على الجمع والباقون بغير ألف على الإفراد (إِنَّا عامِلُونَ ،) أي : على حالتنا التي أمرنا بها ربنا (وَانْتَظِرُوا ،) أي : ما يعدكم الشيطان به من الخذلان (إِنَّا مُنْتَظِرُونَ ،) أي : ما يحل بكم من نقم الله تعالى وعذابه نحو ما نزل على أمثالكم ، وقيل : إنا منتظرون ما وعدنا الرحمن من أنواع الغفران والإحسان.
ثم إنه تعالى ذكر خاتمة شريفة عالية جامعة لكل المطالب الشريفة المقدّسة فقال : (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ،) أي : علم ما غاب فيهما فعلمه سبحانه وتعالى نافذ في جميع مخلوقاته خفيها وجليها (وَإِلَيْهِ) أي لا إلى غيره (يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ ،) أي : إليه يرجع أمر الخلق كلهم في الدنيا والآخرة ، وقرأ نافع وحفص بضم الياء وفتح الجيم على البناء للمفعول ، والباقون بفتح الياء وكسر الجيم. ولما كان أوّل درجات السير إلى الله تعالى عبوديته وآخرها التوكل عليه قال تعالى : (فَاعْبُدْهُ) ولا تشتغل بعبادة غيره (وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ،) أي : ثق به في جميع أمورك فإنه كافيك (وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) فيحفظ على العباد أعمالهم لا يخفى عليه شيء منها فيجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته ، وقرأ نافع وابن عامر وحفص بالتاء على الخطاب ، والباقون بالياء على الغيبة.
فائدة : قال كعب الأحبار خاتمة التوراة خاتمة سورة هود. وقول البيضاوي تبعا للزمخشري عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من قرأ سورة هود أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من صدّق بنوح ومن كذب به وهود وصالح وشعيب ولوط وإبراهيم وموسى وكان يوم القيامة من السعداء» (١) حديث موضوع.
__________________
(١) الحديث ذكره الزمخشري في الكشاف ٢ / ٤١٤.