عليهم : ارجعوا فستحفرونه غدا فيعودون إليه كأشدّ ما كان حتى إذا بلغت مدّتهم وأراد الله تعالى أن يبعثهم على الناس حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم : ارجعوا فستحفرونه غدا إن شاء الله تعالى فيستثني فيعودون إليه وهو كهيئته حين تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس» (١) الحديث ، وفي حديث الصحيحين عن زينب بنت جحش عن النبي صلىاللهعليهوسلم : «فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وحلق» رسول الله صلىاللهعليهوسلم» (٢) وروياه عن أبي هريرة وفيه مثل هذا وعقد تسعين لأن هذا في آخر الزمان.
ثم إنه قيل : فما قال حين فراغه؟ قيل : (قالَ هذا) أي : السد يعني الإقدار عليه (رَحْمَةٌ) أي : نعمة (مِنْ رَبِّي) أي : المحسن إليّ بإقداري عليه ومنع العادية (فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي) بقرب قيام الساعة أو بوقت خروجهم (جَعَلَهُ دَكًّا) أي : مدكوكا مبسوطا ، روي أنهم يخرجون على الناس فيتبعون المياه ويتحصن الناس في حصونهم منهم فيرمون بسهامهم إلى السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا من في الأرض وعلونا من في السماء قسوة وعلوا ، فيبعث الله تعالى عليهم نغفا في رقابهم ، وفي رواية في آذانهم فيهلكون ، قال صلىاللهعليهوسلم : «فو الذي نفسي بيده إنّ دواب الأرض لتسمن وتشكر من لحومهم شكرا» (٣) أخرجه الترمذي ، قوله : قسوة وعلوا أي : غلظة وفظاظة وتكبرا ، والنغف دود يخرج في أنوف الإبل والغنم ، وقوله : وتشكر من لحومهم شكرا يقال : شكرت الشاة شكرا حين امتلأ ضرعها لبنا ، والمعنى : أنها تمتلئ أجسادها لحما وتسمن ، وعن النواس بن سمعان قال : ذكر رسول الله صلىاللهعليهوسلم الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة من النخل فلما رحلنا إليه عرف ذلك فينا فقال : «ما شأنكم» قلنا : يا رسول الله ذكرت الدجال غداة فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل فقال : «غير الدجال أخوفني عليكم إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فكل امرئ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم وإنه شاب قطط أي : شديد الجعودة ، وقيل : حسن الجعودة عينه طافية أي : بارزة ، وقيل : مخسوفة كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف إنه خارج من حلة بين الشام والعراق فعاث أي : أفسد يمينا وعاث شمالا يا عباد الله فاثبتوا» قلنا : يا رسول الله وما مكثه في الأرض قال : «أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيام كأيامكم» قلنا : يا رسول الله فذلك اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم؟ قال : «لا أقدروا له قدره» أي : واليوم الثاني والثالث كذلك ، وسكت عن ذلك للعلم به من الأوّل ، قلنا : يا رسول الله وما إسراعه في الأرض قال : «كالغيث استدبرته الريح فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت وتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت درّا واسعة ضروعها وأملأها خواصر ، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردّون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم ، ويمرّ بالخربة فيقول لها : أخرجي كنزك فيتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ، ثم يدعو رجلا ممتلئا شابا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ، ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل
__________________
(١) أخرجه الترمذي في تفسير القرآن حديث ٣١٥٣ ، وابن ماجه في الفتن حديث ٤٠٨٠.
(٢) أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء حديث ٣٣٤٦ ، ومسلم في الفتن حديث ٢٨٨٠.
(٣) أخرجه الترمذي في تفسير القرآن حديث ٣١٥٣ ، وابن ماجه في الفتن حديث ٤٠٨٠.