[القمر ، ٤٨]. ولما كان موضع العلم والجهل هو القلب ، وموضع الكفر والوهم هو الرأس ، وأثر هذه الأحوال يظهر في الوجه فلهذا خص الله تعالى هذين العضوين بظهور آثار العقاب فيها فقال في القلب : (نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) [الهمزة : ٦ ، ٧]. وقال في الوجه : (وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ.)
وقوله تعالى : (لِيَجْزِيَ اللهُ) متعلق ببرزوا (كُلَّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ ،) أي : من خير أو شرّ وهذا أولى من قول الواحدي : المراد منه أنفس الكفار ؛ لأنّ ما سبق ذكره لا يليق أن يكون جزاء لأهل الإيمان. ولما كان حساب كل نفس جديرا بأن يستعظم قال : (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ ،) أي : لا يشغله حساب نفس عن حساب أخرى ، ولا شأن عن شأن قوله تعالى :
(هذا) إشارة إلى القرآن الذي يخرج الناس من الظلمات إلى النور ، نزل منزلة الحاضر وقيل : إلى السورة (بَلاغٌ ،) أي : كان غاية الكفاية في الإيصال (لِلنَّاسِ) والموعظة لهم ، وقوله تعالى : (وَلِيُنْذَرُوا ،) أي : وليخوّفوا (بِهِ) عطف على محذوف ذلك المحذوف متعلق ببلاغ تقديره ، أي : لينصحوا ولينذروا ، وقيل : الواو مزيدة ، ولينذروا متعلق ببلاغ (وَلِيَعْلَمُوا ،) أي : بما فيه من الحجج على وحدانية الله تعالى. (أَنَّما هُوَ ،) أي : الله (إِلهٌ واحِدٌ) فيستدلوا بذلك على أنّ الله واحد لا شريك له (وَلِيَذَّكَّرَ) بإدغام التاء في الأصل في الذال ، أي : يتعظّ (أُولُوا الْأَلْبابِ) أي : أصحاب العقول الصافية من الأكدار ، والأفهام الصحيحة ، فإنه موعظة لمن اتعظ.
تنبيه : ذكر سبحانه وتعالى لهذا البلاغ ثلاث فوائد مستفادة من قوله تعالى : (وَلِيُنْذَرُوا بِهِ) وتالييه والحكمة في إنزال الكتب تكميل الرسل للناس ، واستكمالهم القوّة النظرية التي منتهى كمالها التوحيد ، واستصلاح القوّة العملية التي هي التدرع بلباس التقوى ، جعلنا الله تعالى من الفائزين بها بمحمد وآله ، وفعل ذلك بوالدينا وأحبابنا.
وما رواه البيضاوي تبعا للزمخشري من أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «من قرأ سورة إبراهيم أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد كل من عبد الأصنام وعدد من لم يعبد» (١) حديث موضوع. قال العلامة ابن جماعة في «شرح منظومة ابن فرج» التي أولها غرامي صحيح فرع من غرائب الجويني يكفر واضع الحديث ، أي : والمشهور عدم تكفيره.
__________________
(١) الحديث رواه الزمخشري في الكشاف ٢ / ٥٣٢.