اعتبارها من باب الطريقية دون الموضوعية والسببية لا بد وأن يكون القرب إلى الواقع مما له دخل في ملاكها ومع دخله فيها لا محالة يستقل العقل بوجوب الأخذ بالأقرب إلى الواقع دون الأبعد عنه وهذا واضح ظاهر.
(ثم إن المصنف) قد أخذ منعه عن الصغرى والكبرى جميعاً عن غيره كما يظهر من التقريرات (قال) بعد ذكره الوجه الثالث (ما لفظه) واعترض عليه تارة في الصغرى وأخرى في الكبرى (أما الأول) فبأن الأقربية على وجه الإطلاق مما لا وجه لها إذ ربما يكون فتوى غيره أقرب بواسطة اعتضادها بالأمور الخارجية كموافقتها للمشهور أو لفتوى أعلم الأموات أو غير ذلك (إلى ان قال واما الثاني) فبأنه لا دليل على اعتبار الأقربية في الأمارات التعبدية التي منها قول المفتي في حق المستفتي (انتهى) موضع الحاجة من كلامه رفع مقامه.
(قوله ولا يصغى إلى أن فتوى الأفضل أقرب في نفسه فانه ولو سلم انه كذلك إلا أنه ليس بصغرى لما ادعى عقلا من الكبرى ... إلخ)
(دفع لما قد يجاب) عن منع المصنف من الصغرى بتقريب ان مراد المانعين من قولهم في الوجه الثالث ان فتوى الأعلم أقرب من غيرها هو الأقرب في نفسها فلا يتوجه إليهم أن فتوى غير الأعلم قد تكون أقرب بلحاظ مطابقتها مع فتوى أعلم الكل ممن مات قبلا.
(وحاصل الدفع) أن فتوى الأعلم وان كانت أقرب في نفسها ولكن الأقرب كذلك مما لا يكون صغرى للكبرى التي قد ادعاها الخصم من وجوب الأخذ بالأقرب عند المعارضة عقلا فإن الّذي يستقل به العقل هو الأخذ بالأقرب مطلقاً سواء كان أقرب في نفسه أو لمرجح خارجي دون خصوص الأقرب في نفسه.
(أقول)
إنك قد عرفت منا آنفاً ان الكلام هاهنا متمحض فيما إذا تعارض فتوى الأعلم مع