أعلم فقال : هذا يمكن لكن ألا ترى أن الذي ذكروه هنا أن الأرض ما خلقت كالفرد عليها الدخان ، فخلقت منه السموات يرده حسبما نقله الزمخشري عن الحسن والفخر في الأربعين في ذلك كلام طويل ، وليس فيه خبر يصح.
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ).
قال ابن عرفة : وجه مناسبتها لما تقدم أنه لما قدم الامتنان عليهم بخلقهم ، وجعل الأرض لهم فراشا عقبه بقوله : ببيان السبب فيهم ، وفي خلق أصلهم وهو آدم صلّى الله على نبينا محمد وعليه وسلم ، وقدر الطيبي وجه المناسبة بأمرين ، إما أنه ترقى فمن عليهم بأمرين منهم ، ثم خلق آبائهم آدم عليه الصلاة والسّلام.
ورده ابن عرفة : بأنه عموم داخل في عموم قوله : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) ، قال : فما المناسبة إلا ما قلناه.
قال أبو حيان : والظرفيه لازمه ؛ لأن إلا أن يضاف إليها زمان ، نحو يومئذ وبعد إذ هديتنا.
قال ابن عرفة : بل هو ظرف مطلقا إذ لا يمتنع إضافة الزمان ، ويكون من إضافة الأعم إلى الأخص ، أو الأخص إلى الأعم ، أو يكون بينهما عموم وخصوص من وجه دون وجه ، كقولك : جئتك أول ساعة من يوم الجمعة ، فأول أخص من ساعة ، وذكر أبو حيان في إعراب إذ ثمانية أوجه. [١٨/٣] أقوال ربعها أنها نظرت في موضع خبر المبتدأ تقديره ابتداء خلقكم ، (وَإِذْ قالَ رَبُّكَ).
ورده ابن عرفة بأن زمن الابتداء ليس هو زمن هذه المقابلة بل بعدها ، فالصواب أن تقديره سبب ابتداء خلقكم ، قال : والأصح أن العامل فيها : (قالُوا أَتَجْعَلُ).
ابن عرفة : يرد عليه أن قولهم ذلك إنما كان جوابا من قول الله تعالى : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) ، ليس مقارنا له بل هو بعده بلا شك إلا أن يقال : أن ما قارب الشيء له حكمه ، وهذا مع قطع النظر عن الكلام القديم الأزلي ؛ لأنه يستحيل عليه الزمان ، ويستحيل نسبة التقدم والتأخر إليه.
قال ابن عطية : قال ابن عباس رضي الله عنهما : كانت الجن قبل بني آدم في الأرض فأفسدوا وأسفكوا الدماء فبعث إليهم قبيلا من الملائكة ، قتلت بعضهم وهزمت باقيهم ، فحصروهم إلى البحار ورؤوس الجبال ، وجعل آدم وذريته خليفته.