ابن عرفة : هذا برده يدل على أن الجن أجسام كبني آدم ، لا جعل المبالغة.
قيل لابن عرفة : كيف يفهم هذا مع قوله : (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) ، اللام في لكم تقتضي اختصاصه بنا فقال : لعل اللام هنا ليست للاختصاص يكون ما في الأرض لهم يلزم منه كونه قاصرا عليهم فهو خلق لهم ، ولا ينافي أن يكون أيضا خلقا لغيرهم.
ابن عرفة : وظاهره أي قيل لهم ذلك مباشرة ؛ لأن الراوي إذا قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه من قبيل المسند لكن عندهم يحتمل السماع مباشرة ، أو بواسطة الصحابي إنما يروي عن صحابي ، فلذلك عدوه من المسند ، وفي هذه بأن اللام في المتوالية كقولك : قال في فلان كذا فهو أصرح للدلالة على المباشرة من فلان ، قوله (خَلِيفَةً) ، قال : أخص سماه خليفة ، لأن كل فرقة وجيل يخلق الجيل الذي قبله ، والأولى مخلوقه ، والشيء بعدها خالقه ، قال ابن مسعود : معناه خليفة في الحكم بين عبادي بالحق ، وما أمره يعني بذلك آدم ومن قام مقامه من ذريته.
ابن عرفة : يتناول هذا الأنبياء فقط ؛ لأنهم الذين يتلقون الذكر من الملائكة ، وغيرهم لا يرى الملائكة بوجه.
قوله تعالى : (قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها).
فسره بوجوه ابن عرفة : أظهرها أن الملائكة طلبوا أن يكون الخليفة منهم فأثنوا على أنفسهم ودعوا غيرهم.
قوله تعالى : (وَيَسْفِكُ الدِّماءَ).
هذا اللفظ كما هو في قوله تعالى : (فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) [سورة الرحمن : ٦٨] ، فجعله بعض الأصوليين من عطف الخاص على العام ، وجعله بعض المتأخرين من عطف المطلق على المقيد ، وهو المعبر عنه بلفظ الأخص ، قال : لأن فاكهة ثمرة في سياق الثبوت ، فلا تعم ، وكذلك الفعل هنا موجب فهو مطلق.
قيل لابن عرفة : أخذ بعضهم أنه يجوز للإنسان التحدث بما هو فعل من أفعال الخير والطاعة ، كما قال يوسف عليه الصلاة والسّلام : (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ) [سورة يوسف : ٥٥] ، فقال : ليس في هذه دليل ؛ لأن الله عالم بكل شيء فما أخبر به إلا بما هو عالم به ، أو يقول إنما معنى الآية تجعل فيها من يفسد فيها