فإنه يستلزم عقلا جعلها فراشا لمن قبلهم كما جعلت فراشا لهم ، أو يجاب بأنه من تغليب المخاطب على الغائب ، أو أن الآية خرجت مخرج الامتنان بما هو مأوى المخاطبين كامنن عليهم بخلقهم ثم بخلق آبائهم الذين هم سبب فيهم ثم جعل الأرض لهم فراشا ؛ لأنها سبب في دوام وجودهم وتعبدهم وقد لم يحتج إلى ذكرها فراشا لمن قبلهم لأن الامتنان إنما هو لها ، ولما المخاطبين الأحياء قد ماتوا وانتفى عنهم التكليف.
قال ابن عرفة : والأرض كرية والكورة الحقيقية لا يمكن أن تكون فيها خط مستقيم بوجه حسبما برهن عليه إقليدس.
وقال ابن الخطيب في الأربعين لما استدل على بطلان الجوهر الفرد قال : إن الكرة الحقيقية إذا ماتت جزاء من الأرض فإن قلنا : أن ذلك الجزاء لا ينقسم فهو الجوهر الفرد ، وإن قلنا : ينقسم لزم أن يكون في الكرة خط مستقيم وهو باطل.
قال ابن عرفة : فالصواب أن الكرة محدرة ويكون آخر وأصغر منها كما يؤخذ رطلان من شمع فيصنع من نصفه كرة وتأخذ باقيه تصنعه على أحبالها لشوربها ، وكذا لقرص الأرض.
قال : وعليه أودية وسط الأرض ، وذكروا أنه لا يعيش هنالك أحد لكثرة ما فيه من الحرارة.
قلت : وقال الشيخ عبد الخالص : والحكماء لما قاسوا الأرض اختلف عليهم وسطها الحقيقي لكن الاختلاف في مواضع قرب بعضها من بعض فبنوا عليه القبة على مواضع مسافتها ثلاثة أميال حتى يحققوا أنها احتوت على وسط الحقيقي.
قال : ورأيت رجلا أعجميا أخبر أنه رآها وسمع فيها حس الأفلاك ودوي حركتها ، وأخبروا عن الحكيم فيثاغورث أنه أتى عليه وقت تروض فيه ووصل إلى قرب السماء فسمع حس الأفلاك ، ولم أسمع عن ذلك الحس فنزل واستنبط صنعة الديباج مما رأى في السماء والله أعلم.
وفيه أذين بينها وبين جبل مريديد درجان ؛ لأن عرضه درجتان في الإقليم الأول وهو درجتان : عامر والدرج يقابله في الأميال مائة ميل فما عدل الأكثرين بمائة ، وقيل : مائة وثمانية ، وقيل : ستة وستون ومن يكون في القبة يظهر له القطبان محاديين للأقوى.