قال : وحرف النداء إما اسم فعل أي أنادي وأنادي إما خبر أو إنشاء ، والصحيح أنه إنشاء في معنى الخبر يدل عليه قول الفقهاء : من قال لرجل جائز أنه يحيد وينادى بالسيد ويستعمل في القريب.
وقيل : إنه وضع أيضا للقريب فيكون مشتركا فيتعارض الاشتراك والمجاز ، فالمجاز أولى وعلى سلما.
قال ابن الخطيب : في القدر المشترك يكون للقدر المشترك بينهما ، وهو أول من تكلم به أعني ابن الخطيب ، وقال : لم تعرف العرب القدر المشترك بوجه ، ورده بعضهم تفريق الجزولي بين علم الجنس وعلم الشخص.
قال : وحرف النداء جرى مجرى أداة التعريف فلذلك لم يدخل على ما فيه الألف واللام إلا بواسطة.
قال : وعادتهم يردونه بقولك : يا رجلا ، ولو كان التعريف لما صح دخوله على النكرة ، وأجاب بأنه نكرة غير متصل عليها ، والتعريف في المنادى إنما هو بما فيه من معنى الإقبال واليأس إن أريد به أهل مكة ، فيدخل غيرهم من باب خطاب التسوية ؛ لأنهم يتناولهم التكليف ، كما قال اللخمي : في أول كتاب النكاح.
قال مجاهد : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) حيث يقع فهو مكي ، و (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) مدني.
قال اللخمي : أكثر اقتران الناس بلفظ الرب.
قال ابن عرفة : لأنه تكليف للجميع من المؤمنين والكافرين فحسن فيه وسن التربية والإحسان والحيتان والأنعام على سبيل التهييج للامتثال ، ولما كان الأمر خطابا لمن حصل له الإيمان بالفعل لم يحتج إلى ذلك التأكيد و (اعْبُدُوا) ، حمله ابن عطية على التوحيد ، وحمله الزمخشري على الطاعات.
قال الطبري : وفيها حجة لأهل السنة القائلين بوقوع تكليف ما لا يطاق ؛ لأن من جملة الناس المنافقون للخبر عنهم بأن الله ختم على قلوبهم وسمعهم.
ورده ابن عرفة بأن هذا ليس من محل النزاع ، فقد استثنى ابن التلمساني في شرح المعالم الدينية في المسألة الرابعة عشر من باب الأوامر استثناء المحال عقلا كالكون في محلين به وقت واحد ، والمحال عادة كالطيران في الهوى ، فقال : هذا لا يصح