وجود الصانع ، قالوا : ثم دليل الإمكان يخاطب به الخواص ، ودليل الحدوث يخاطب به الجميع ، وأشار الطيبي إلى هذا ، وزاد جوابا آخر وهو :
الجواب الثالث : أن لفظه شيء تصدق على الموجود عند وجود أول بفروضية فيصح تعلق القدرة به إذ ذاك ، قالوا : وهذا العموم المخصوص بالتحصيل.
وقال ابن فورك : لا يحتاج إلى تخصيصه ؛ لأنك إذا قلت لأخر : كل كل ما في البيت فلا نأكل إلا ما هو مطعوم ، وما ليس بمطعوم فلا نأكله ، وكذلك هذا الذي وقع به التخصيص اللفظ بإياه فلا يحتاج إلى إخراجه منه.
قال ابن عرفة : حاصله أنا إن اعتبرنا لفظ شيء من حيث الإفراد لوجب التخصيص ، وإن اعتبرناه من حيث التركيب لم يحتج إلى تخصيصه.
قال ابن الخطيب : لو كان لفظ شيء عاما في الموجود والمعدوم لما صدق على الموجود شيء ؛ لأن الآية دلت على تعلق القدرة في العدم فلا يصدق عليه بعد الوجود شيء.
وأبطله ابن عرفة : بأنه لما صار موجودا حتى ثبت له ذلك الاسم في العدم ، وتعلقت به القدرة عليه لفظ شيء.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ) اتقوا (رَبَّكُمُ).
قال ابن عرفة : هذا التفات من الغيبة إلى الخطاب ؛ لأنه تقدم الكلام بين المسلمين والكفار والمنافقين بلفظ الغيبة ، ثم أقبل على الجميع بالنداء وهو خطاب لمشركي مكة.
قال القاضي العماد : في هذا اضطراب وتناقض ؛ لأن جعله التفاتا يقتضي خطابه جميع المسلمين الناس مسلمهم وكافرهم.
وأجاب ابن عرفة بأنه خطاب لجميع الناس الذين منهم مشركي مكة ، ثم قال : وإذا قلنا إن السورة مدنية كيف يخاطب بها مشركوا مكة إلا أن يقال : إنه خطاب للجميع ويتناول مشركي مكة ، وإن كانوا غائبين من باب تغليب المخاطب على الغائب.